اعتدّت به ، ولا يكون دون ذلك. ذكر الزهريّ عن سعيد بن المسيّب قال : عدّة المستحاضة سنة. ذكروا عن الحسن وعطاء والحكم بن عيينة أنّهم قالوا في المستحاضة إذا طلّقت أنّها تعتدّ أيّام أقرائها. ذكروا أنّ عمر بن الخطّاب قال في التي تطلّق ثمّ تحيض حيضة أو حيضتين ، ثمّ ترتفع حيضتها أنّها تعتدّ تسعة أشهر. فإن تبيّن حملها وإلّا اعتدّت ثلاثة أشهر.
ذكروا عن حمّاد بن إبراهيم عن علقمة أنّه طلّق امرأته فحاضت حيضتين ، ثمّ لبثت في الحيضة الأخرى ، قال بعضهم : ثمانية عشر شهرا ، وقال بعضهم : ستّة عشر شهرا ، ثمّ ماتت. فقال عبد الله بن مسعود : حبس الله عليك ميراثها بكلّها (١).
وقول أصحابنا في هذا أنّها تعتدّ بالحيض ما كانت إلّا أن تكون قعدت عن المحيض فتعتدّ ثلاثة أشهر.
قوله عزوجل : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) : وهذه التي لم تبلغ الحلم ، هي مع اللائي يئسن من المحيض ، وكذلك الضهياء التي لا تحيض ، عدّتها ثلاثة أشهر.
قوله عزوجل : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) : هذه نسخت (٢) التي في سورة البقرة : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) [البقرة : ٢٣٤]. وإن كانت حاملا فأجلها أبعد الأجلين في قول عليّ بن أبي طالب وابن عبّاس. وهو قول جابر بن زيد وأبي عبيدة والعامّة من فقهائنا. وفيها اختلاف. وقول العامة : إنّها نسخ منها الحامل فجعل أجلها أن تضع حملها. وهو قول أهل الخلاف ، ورووه عن أبيّ بن كعب وعمر بن الخطّاب وعبد الله بن مسعود (٣).
قول الله عزوجل : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤) ذلِكَ أَمْرُ اللهِ
__________________
(١) كذا في ق وع : «بكلها» ، ولست مطمئنّا إلى صحّة الكلمة ، ولعلّ بها تصحيفا ، أو «بكلّه».
(٢) كذا في ز : «نسخت» ، وفي ق : «هذه هي التي في البقرة» ، وفي ع كلمة مطموسة.
(٣) اعتمادا على هذا القول الأخير يمكن لامرأة توفّي عنها زوجها وهي حامل فوضعت حملها بعد ساعة أو ساعتين أن تتزوّج في نفس اليوم لأنّها تكون قد خرجت من عدّتها بوضعها. لذا كان رأي الإمام عليّ وابن عبّاس أولى بالاعتبار وأنسب لحرمة الزوج ، خاصّة إذا تأملنا قوله تعالى : (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ) وأدركنا أنّ العدّة حقّ للزوج ؛ ومن الوفاء له أن تعتدّ المرأة بأبعد الأجلين.