وعلى سبيل المثال ، نرى الشهيد الثاني قدسسره جمع بين المطلبين في الروضة بقوله : « ولا يجوز اعتقاد شرعيّة غير هذه الفصول في الأذان والإقامة ، كالتشهّد بالولاية لعليّ وأنّ محمّداً وآله خير البرية أو خير البشر وإن كان الواقع كذلك ، فما كلّ واقع حقّاً يجوز إدخاله في العبادات الموظّفة شرعاً المحدودة من الله تعالى ، فيكون إدخال ذلك فيها بدعةً وتشريعاً . . ، ولو فعل هذه الزيادة أو إحداها بنيّة أنّها منه أَثِمَ في اعتقاده ، ولا يبطل الأذان بفعله ، وبدون اعتقاد ذلك لا حرج » (١) .
أمّا عدم إشارة البعض إلى حكم من يقول : « محمّد وآل محمّد خير البرية » و « علياً ولي الله » وأمثالها في اذانه ، فقد يعود لعدم شيوع هذا الأمر في ذلك الزمان الذي كانوا يعيشون فيه ، وقد يكون تركهم جاء خوفاً من السلطان الجائر . وقد يكون لجوازه وانه لا يلزم الفقيه الاشارة إليه .
وكذا الحال بالنسبة إلى الذي قد أفتى بالحرمة كالشيخ عبد الجليل القزويني صاحب كتاب ( النقض ) باللّغة الفارسية والذي كتبه في سنة ٥٦٠ هـ ، فقد أفتى بالحرمة لأنّه رأى بعض الناس في عهده يقولون بالشهادة بالولاية على أنّها جزء الأذان ، ولأجل ذلك تهجّم عليهم ولعنهم وقال بلزوم إعادة الأذان (٢) .
وعليه فالاشارة من الفقهاء تأتي لتعديل حالة الافراط والتفريط في الأمة ولبيان الاحكام الواجبة والمحرمة ، وقد يشار إلى الأمور المكروهة والمستحبة ، أمّا الأمور المباحة فليست هي من وظائف الفقيه .
وأمّا ابن زهرة الحلبي (٣) ( ٥١١ ـ ٥٨٥ هـ ) ، والفضل بن الحسن
__________________
(١) شرح اللمعة ١ : ٥٧١ .
(٢) النقض : ٩٧ .
(٣) غنية النزوع : ٧٢ .