ومن هنا نفهم بأنّ الشيخ المفيد لا يتّفق مع الشيخ الصدوق في إتّهام القائلين بالشهادة الثالثة بالوضع والزيادة ، لأنّه كان يرى جواز فعلها لأنّها من الكلام الراجح والمحبوب ، وكان يعلم بأنّ الناس في عهده لا يأتون بها على أنّها جزء ، لاختلاف الصيغ المُؤَدّاة من قبلهم ، إذ أنّ البعض منهم يأتي بها بعد الحيعلة الثالثة والآخر بعد الشهادة الثانية .
في حين أنّ الشيخ الصدوق كان يعتقد أنّهم يأتون بها على نحو الجزئية واضعين في ذلك الأخبار ولاجل ذلك تهجم عليهم .
* وأمّا السيّد المرتضى ( ت ٤٣٦ هـ ) ، فهو أوّل من أعلن فتوائيّاً الجواز بالشهادة بالولاية في الأذان بـ جملة « محمّد وعلي خير البشر » ، وذلك بعد ما سئل من قبل أهل الموصل فقال رحمهالله : « إن قال : محمّد وعلي خير البشر ، على أنّ ذلك من قوله خارجٌ من لفظ الأذان جاز ، فإنّ الشهادة بذلك صحيحة ، وإن لم يكن فلا شيء عليه » .
فالفقرة الأولى من كلامه رحمهالله واضحة لا تحتاج إلى تعليق ، والفقرة الأخيرة « وان لم يكن فلا شيء عليه » ، فالظاهر في « يكن » هنا التامة لا الناقصة ، أي أنّ المؤذن إذا لم يقلها فلا شي عليه ، ويحتمل أن يكون معناها أنّ المؤذّن لو قالها على أنّها جزء فلا شيء عليه ، وهو احتمال مرجوح بنظرنا ، والسياق يأباه تماماً .
إنّ فتوى السيّد المرتضى بجواز القول بـ « محمّد وعلي خير البشر » دعم حقيقي لسيرة الشيعة آنذاك في بغداد ، وشمال العراق ، ومصر ، والشام ، وإيران ، والسيّد المرتضى أيضاً نفى الجزئية والوجوب على منوال الصدوق ، وأمّا الجواز فالمرتضى قائل به ، وكذلك الصدوق حسبما استظهرناه .
ومن هنا نعلم بأنّ
هذه الصيغ موجودة في شواذّ الأخبار ـ وربما في أخبار اخرى ـ وفي العمومات لا في روايات المفوّضة ، وهذا يؤكّد استمرار الشيعة من بداية الغيبة