الكبرى إلى عهد السيّد المرتضى في التأذين بها ، استناداً لما رواه الفضل بن شاذان عن ابن ابي عمير عن ابى الحسن الكاظم المار سابقاً ولغير ذلك من الأدلّة ، وأنّه رحمهالله لم يتعامل مع الشهادة الثالثة كما تعامل مع « الصلاة خير من النوم » حيث اعتبر الأولى جائزة والثانية بدعة وحراماً .
* أفتى الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) بعدم إثم من قال بالشهادة الثالثة ، لان الشهادة بالولاية عنده أمر مباح جائز الفعل والترك ، وهو ليس بمستحبّ « ولا من كمال فصوله » كالقنوت .
الشيخ رحمهالله لا يمنع العمل بالأخبار الشاذّة إلّا إذا امتنع الجمع ، وهو يفهم بأنّ الشاذّ عنده له حجيّة بنحو الاقتضاء لا الفعلية ، لأنّ الترجيح فرع الحجية الاقتضائية .
واللّافت للنظر هو أنّ الشيخ أول من صَرَّح بوجود أخبار شاذّة في الشهادة بالولاية ، دون أن يرميها بالوضع كما فعل الصدوق رحمهالله ، وهو يتضمّن إمكانية اعتبارها في مرتبة ما من مراتب الاعتبار الشرعي ، والمراجع لكتاب الاستبصار يرى أنّ الشيخ لا يترك الأخبار الشاذّة بالمّرة وإن أمكنه الحمل على الجواز أو الاستحباب حَمَلها على ذلك ، وقد مر عليك بأنّه رحمهالله قد حكم بالشذوذ على الرواية التي أوجبت الوضوء من قص الأظافر بالحديد وترك العمل بها ، لكنّه لم يترك القول باستحباب الوضوء جمعاً بين الأدلة .
فالّذي نحتمله هنا أنّ الشيخ تعامل مع روايات الشهادة الشاذّة على منوال رواية الوضوء من الحديد ، فأفتى بالجواز استناداً لذلك .
هذا ، وإنّ فتواه رحمهالله تكشف عن سيرة بعض المتشرّعة في عصره ـ في حدود من يرجع له بالفتوى ـ وأنّها امتداد للسيرة التي كانت في عصر المرتضى رحمهالله ، وهذا يعني بأنّ لهذه السيرة وجوداً في العصور المتأخرة تدور مدار المرتضى والطوسي وغيرهما ممن أفتى بالجواز ، وهم مشهور الطائفة .