|
في الأذان وفي غيره (١) . |
لكن قد يقال ـ على سبيل التوهّم ـ بأنّ هذا الاستدلال من قبل فقهاء كبار كالسيّد الحكيم والسيّد الخوئي قُدِّس سِرَّهما غريب ؛ إذ ما هو الدليل الشرعيّ الذي يسوّغ أن يقال أَنَّ الشهادةَ الثالثة أمرٌ مرغوبٌ فيه شرعاً وراجحُ قطعاً ، في الأذان وفي غيره كما جزم به السيّد الخوئي رحمهالله ، أو : « قد يكون واجباً » كما احتمله السيّد الحكيم رحمهالله ، انطلاقاً من الشعارية ؟
والأغرب من ذلك أنّ السيّد الخوئي قدسسره يقول : « نحن في غنىً عن ورود النص » ؛ إذ ما الذي سوّغ له الإفتاء بجواز الشهادة الثالثة في الأذان بلا نصّ ؛ انطلاقاً من الشعارية فقط ؟ بل ماذا تعني الشعارية عندهم بحيث تأخذ هذه القيم الشرعية في هذه الأزمان ؟
يبدو أنّ الامامين الحكيم والخوئي ، ومن قبلهما ومن بعدهما من فقهاء الطائفة ـ قدّس الله أسرارهم ـ قد جعلوا من الشعارية دليلاً أقوى للفتوى بالجواز بل الاستحباب .
لكن من أين تأَتَّت شرعية الشعارية عندهم حتى يجعل منها دليلاً أقوى من مرسلة الاحتجاج ، وحسنة ابن أبي عمير المتقدّمتين ، وسيرة المتشرعة ؟
الحقيقة هي أنّ السيّد الخوئي قدسسره أجاب عن كلّ ذلك إجابة مجملة بما يلائم مقام بحثه ، في قوله : « لا شبهة في رجحان الشهادة الثالثة باعتبارها من متمِّمات الرسالة . . . » ، وهذا هو ما نريد توضيحه ، لأنّ الاجابة الإجمالية لا تغني غير العلماء ولا تُشبِع إلّا الفقهاء ، وهو الذي دعانا لتفصيل الكلام في هذا الإجمال ، لتعمّ الفائدة لكل القرّاء .
وكذا لوجود شبهة مفادها : أن الاستدلال بالشعاريّة لإثبات الشهادة الثالثة في
__________________
(١) مستند العروة الوثقى ١٣ : ٢٥٩ .