ذات الإنسان (١).
ثانيا : هذه الصفات متغايرة فيما بينها ، فالعلم صفة لله تختلف عن صفة القدرة وكلتاهما مختلفتان عن صفة الإرادة.
ثالثا : هذه الصفات الإلهية أزلية لا بداية لها ، فهي تشترك في القدم مع الذات ، «ويدلل الأشعري على هذا الرأي بدليل يثبت به أن هذه الصفات لا يمكن أن تكون حادثة ؛ لما يترتب على ذلك من نتائج باطلة ، ويعلل ذلك بقوله : إننا إذا افترضنا جدلا أن هذه الصفات حادثة ، فسنكون أمام احتمالات أو فروض ثلاثة :
الأول منها : أن يحدث الله هذه الصفات في نفسه ، وهذا باطل ؛ لأنه يجعل الله محلّا للحوادث ومقارنا لها ، وما يتصل بالحوادث حادث عند المتكلمين.
والفرض الثاني : أن يحدثها الله في غيره ، وهذا باطل أيضا ؛ لأن ذلك يستلزم أن يكون هذا الغير موصوفا بصفات الله تعالى ، فيكون مريدا بإرادة الله تعالى ، وعالما بعلمه ، وهذا باطل.
والفرض الثالث : هو أن تكون الصفة الحادثة مستقلة بذاتها ، وهذا باطل أيضا ؛ لأن الصفة لا تقوم بنفسها بل تحتاج إلى موصوف تقوم به.
وإذا بطلت هذه الفروض الثلاثة لم يكن أمامنا إلا التسليم بقدم هذه الصفات وأزليتها» (٢).
٢ ـ ذهب الأشعري إلى أن القرآن كلام الله غير مخلوق ، متابعا في ذلك رأي السلف الذي دافع عنه وأوذي بسببه الإمام أحمد بن حنبل ، بيد أن الأشعري قدم بين يدي رأيه أدلة سمعية وعقلية ، خلاصتها أن القرآن كلام الله فلا ينبغي أن يكون حادثا ؛ لما ينبني على ذلك من إلحاق صفة الحدوث بالله تعالى.
٣ ـ خالف الأشعري المعتزلة في مسألة رؤية الله في الآخرة ، حيث ذهب إلى إثباتها ، غير أنه نفى أن تكون هذه الرؤية رؤية إحاطة ؛ لأن الله تنزه عن أن تدركه الأبصار ، ونفى أيضا عن الرؤية معاني التجسيم والتشبيه ، ورأى أن الرؤية المقصودة أقرب إلى الرؤية القلبية ، فوقف بذلك موقفا وسطا بين المعتزلة المنكرين لها والمشبهة الذين أثبتوها وأثبتوا
__________________
(١) ينظر : اللمع للأشعري (٣١).
(٢) د / عبد المقصود عبد الغني (ص ١١٩).