أما الأشاعرة :
فيرون أن الإرادة هي الرضا والمحبة ؛ إذ المحبة هي الإرادة والرضا كذلك معناه الإرادة ، والإرادة تستلزم الرضا والمحبة ، وبهذا تكون الإرادة والمحبة والمشيئة والرضا والاختيار كلها بمعنى واحد ، مثلما يكون المعرفة والعلم بمعنى واحد.
وفي هذا يقول الإمام البغدادي في المسألة السادسة :
أجمع أصحابنا أن إرادة الله تعالى مشيئته واختياره ، وعلى أن إرادته للشيء كراهيته لعدم ذلك الشيء كما قالوا : إن أمره بالشيء نهي عن ضده ، وقالوا أيضا : إن إرادته صفة أزلية قائمة بذاته ، وهي إرادة واحدة محيطة بجميع مراداته على وفق علمه بها فما علم منها كونه أراد كونه ، خيرا كان أو شرّا وما علم أنه لا يكون أراد ألا يكون. ولا يحدث في العالم شيء لا يريده الله ولا ينتفي ما يريده الله ؛ وهذا معنى قول المسلمين : ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (١).
والحق أن الفريقين يتفقان في أصل الإرادة ويختلفان في المراد ، ويرجع هذا الخلاف إلى الجهة التي نظر منها كل منهما إلى مفهوم الإرادة ، فالماتريدية نظروا إلى جهة العلم ، وبذلك فقد ذهبوا إلى أن الإرادة لا تستلزم الرضا ؛ إذ ليس هناك تلازم بين الإرادة والرضا ، بينما نظر الأشعرية إلى أنها عامة وشاملة للكائنات كلها ، وبذلك ذهبوا إلى أن كل مراد مرض ، وهناك تلازم بين الإرادة والرضا (٢).
المسألة الرابعة
الاستثناء في الإيمان
التعريف بالإيمان في اللغة والاصطلاح :
الإيمان في اللغة :
الإيمان : التصديق ، وهو ضد الكفر ، والتصديق ضد التكذيب ، من : آمن بالشيء ، يؤمن به ، إيمانا ، فهو مؤمن (٣) قال الله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) [يوسف : ١٧].
__________________
(١) أصول الدين ، البغدادي (ص ١٠٢).
(٢) انظر : الروضة البهية (ص ١١٧) ، وما بعدها.
(٣) انظر : لسان العرب ، مادة (أ م ن) (١ / ١٤٠ ـ ١٤٤) القاموس المحيط (ص ١٩٧).