لا تشتمل على إضافة شيء إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم فمعدودة في الموقوفات» (١).
والحق أن قول الصحابي يكون في حكم المرفوع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم إذا كان قوله فيما لا مجال للرأي فيه ، ولم يكن قائله معروفا بالأخذ عن بني إسرائيل ، أو كان ولكن مرويه مما لا صلة له بما لدى بني إسرائيل ، فالواجب أن نأخذ بهذا القول أخذنا بالمرفوع بلا أدنى فرق ؛ انطلاقا في ذلك من عين المسلمات الأربع التي ينطلق أهل الحق في أخذهم بالمرفوع منها.
فإن لم يتوفر الثابت من مأثور الصحابة بأن اختل فيه الشرطان الآنفان أحدهما أو كلاهما ، لم يخل أمر ذلك المأثور عندهم من إحدى أحوال أربع :
أولاها : أن يعرف كونه محلّا لإجماع الصحابة وأنه لم يشذ عن القول به أحد منهم.
الثانية : أن يعرف كونه مجالا لاختلافهم اختلافا تضل معه الفكرة ، ولا يهتدى فيه إلى الصواب في غالب الظن.
الثالثة : أن يكون كسابقه ولكن مع تبين وجه الصواب منه وترجحه في غالب الظن.
الرابعة : ألا يعرف فيه إجماع منهم ولا اختلاف ، وإنما غاية الأمر فيه أنه أثر عن الواحد أو الاثنين مثلا دون أن يبلغنا عن أحد من الصحابة ما يخالفه أو ما يوافقه.
فإن كانت الحال الأولى فيما ثبت من مأثور الصحابة ، وجب عند القوم الأخذ بمقتضاه كسوابقه من الكتاب والسنة المرفوعة وما له حكم المرفوع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم من أقوالهم في تفسير القرآن المجيد ؛ لأجل الإجماع ؛ انطلاقا في ذلك من مسألتين اثنتين :
أولاهما : ما اشتهر واستفيض عنه صلىاللهعليهوسلم من عصمة أمته ـ أي : في كل عصر من عصورها ـ من أن تجتمع على خطأ أو ضلالة.
الثانية : أن الإجماع كما هو معلوم لا بد أن يكون له مستند من الكتاب أو السنة الصالحة للحجية ، فالأخذ بالمجمع عليه إذن هو أخذ في ذات الوقت بمستند الإجماع ، وانطلاقا من عين المسلمات المناسبة له ، أعني : أنه إن كان مستند إجماع الصحابة هو الكتاب ، فالأخذ بمقتضى إجماعهم حينئذ فوق كونه انطلاقا من المسلمة السابقة هو في ذات الوقت
__________________
ـ النساء في أدبارهن (١٩٢٥) ، وأبو يعلى (٢٠٢٤) ، والطحاوي في شرح المعاني (٣ / ٤٠ ، ٤١) وفي شرح المشكل (٦١١٩) ، وابن حبان (٤١٦٦) و (٤١٩٧) ، والطبراني في الأوسط (٥٧٥) و (٨٠٣١) ، وأبو نعيم في الحلية (٣ / ١٥٤) ، والبيهقي (٧ / ١٩٤ ، ١٩٥).
(١) د. الذهبي : التفسير والمفسرون (١ / ٩٤).