يحلها حلّا ، فتحها ونقضها فانحلت ، والحل : حل العقدة (١).
والتحليل اصطلاحا عكس التركيب ، وهو إرجاع الكل إلى أجزائه ، فإذا تعلق بشيء مادي سمي تحليلا ماديّا ، وإذا تعلق بشيء ذهني سمي تحليلا خياليّا.
وينقسم من جهة أخرى إلى :
تحليل تجريبي ، ويمر بثلاث مراحل : ملاحظة ، تجربة ، استقراء.
وتحليل عقلي أو رياضي ، وهو يتألف من مجموعة قضايا ، أولها القضية المراد إثباتها ، وآخرها القضية المعلومة ؛ بحيث إذا ذهبت من الأولى «أي القضية المراد إثباتها» إلى الأخيرة «أي القضية المعلومة» كانت كل قضية نتيجة ضرورية للتي بعدها ، وكانت القضية الأولى نتيجة للقضية الأخيرة صادقة مثلها (٢).
فالمفهوم الأول يتعلق بالأمور المادية الخاضعة للتجربة ، والقرآن ليس خاضعا للتجربة.
والمفهوم الثاني يحتاج إلى قضية معلومة ينطلق منها في إثبات أخرى مجهولة ؛ فإذا قلنا بهذا في حق القرآن ، أصبحنا في أحسن الحالات نوظف القرآن في إثبات تصوراتنا المسبقة ، ونستغله في نشر «إيديولوجياتنا» وهذا مما لا يرتضيه أحد من المسلمين (٣).
وإذا اعتبرنا المنهج التحليلي الذي تنادي به المدرسة الحديثة هو جمع الآيات المتعلقة بموضوع ما ودراستها دراسة وافية ، فإن المدرسة التقليدية أولى بأن تنسب إلى هذا المنهج ، فقد استخدمت ما سبق أن أشرنا إليه في الفصل الأول مما يسمى بالتفسير الموضوعي.
ثانيا : تدعي المدرسة الفكرية المعاصرة أنها تأخذ القرآن في وحدته الكلية ، وأنها تتفوق بذلك على المدرسة التقليدية ، وهو ادعاء يعوزه الدليل ؛ لأن المدرسة التقليدية سعت في كل مراحلها إلى البحث عن الوحدة الكلية للقرآن الكريم ، وأكبر دليل على ذلك تبنيها ـ كما سبق بيانه ـ مبدأ تفسير القرآن بالقرآن ، فتفسير القرآن بالقرآن بحث عن الوحدة الموضوعية في القرآن ، وقد ألف العلماء الأقدمون مؤلفات بهذا الشأن ، مثل :
__________________
(١) لسان العرب ، مادة (حلل).
(٢) الجيلاني بن التوهامي مفتاح : المدرسة الفكرية المعاصرة (المسلم المعاصر عدد ١٠٢ (ص ٥٦) ، نقلا عن أد. جميل صليبا : المعجم الفلسفي (١ / ٢٥٤ ، ٢٥٥).
(٣) السابق (ص ٢٦ ، ٥٧).