النهر كلها ، ونجح في أن يضم إلى دولته خراسان وبعض المناطق الإيرانية الأخرى ، واتخذ من بخارى عاصمة لدولته (١).
وقد وصف ابن الأثير إسماعيل بن أحمد الساماني فقال : «إنه كان خيّرا يحب أهل العلم والدين ، ويكرمهم».
وقال في موضع آخر : «إنه كان عاقلا عادلا حسن السيرة في رعيته ، حليما. وحكي عنه أنه كان لولده أحمد مؤدب يؤدبه ، فمر به الأمير إسماعيل يوما ، والمؤدب لا يعلم به ، فسمعه وهو يسب ابنه ويقول له : لا بارك الله فيك ولا فيمن ولدك ، فدخل إليه ، فقال له : يا هذا ، نحن لم نذنب ذنبا لتسبنا فهل ترى أن تعفينا من سبك ، وتخص المذنب بشتمك وذمك؟ فارتاع المؤدب ، فخرج إسماعيل من عنده وأمر له بصلة جزاء لخوفه منه» (٢).
علاقة السامانيين بالخلافة :
تختلف الدولة السامانية في علاقتها بالخلافة العباسية عن الدولة الصفارية إلى حد كبير ؛ فالصفاريون لم يعترفوا بسلطان الخليفة العباسي عليهم وتمردوا على نفوذه الروحي ، بل سعوا إلى الاستيلاء على بغداد نفسها.
أما الدولة السامانية فنعمت بالاستقلال في ظل الولاء الاسمي للخلافة العباسية ، بعد أن أثبتت تجربة الصفاريين فشل الحركات المناوئة للخلافة المتحدية لسلطانها ، وتأكد أن الخلافة ـ حتى في أحلك ظروفها ـ كانت تتمتع بنفوذ روحي لا يستهان به ، وأنها قادرة على تحريك الأحداث والإسهام فيها بالتدخل المباشر أو بالاستعانة بحلفائها. فوعى السامانيون هذا الدرس ، واعترفوا بالنفوذ الروحي للخلافة ، ورفعوا راية الجهاد في الثغور ، وأبدوا تعاونا مخلصا مع الخلافة في مواجهة أعدائها (٣).
ومن أمارات هذا الولاء الذي أبداه السامانيون للخلافة العباسية :
ـ تمسكهم بالمذهب السني الذي تدين به الدولة العباسية ، ورفضهم إقامة علاقات مع الفاطميين عند ما حاولوا استمالتهم إليهم.
ـ كما أقام السامانيون الخطبة للعباسيين ونقشوا أسماءهم على السكة ، وحرصوا على إكساب حكمهم صفة شرعية بالحصول على تفويض منهم (٤).
__________________
(١) ينظر : عبد الحميد الرفاعي ١٥٣.
(٢) ينظر : حسن إبراهيم حسن تاريخ الإسلام (٣ / ٧٤) نقلا عن ابن الأثير.
(٣) ينظر : الرفاعي ، ص ١٥١.
(٤) ينظر : السابق ، ص ١٥٥.