كل بما يتفق مع رأيه ، حتى علماء الكلام أوّلوا بعض الصفات بما يتفق مع آرائهم (١).
٣ ـ الحديث وعلومه :
علم الحديث هو علم يشتمل على أقوال النبي صلىاللهعليهوسلم وأفعاله وتقريراته وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها.
ولم يدون الحديث النبوي الشريف تدوينا منظما إلا منذ مطلع القرن الثاني الهجري وقبل هذا التاريخ كان الصحابة يكتبون منه ما استقامت لهم سبل الكتابة وتيسرت أسبابها ، غير أن تدوينهم كان تدوينا خلا من النظام والترتيب.
ومن أشهر من كتب الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عبد الله بن عمرو بن العاص ، حتى قال فيه أبو هريرة : «ما من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحد أكثر مني حديثا إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب» (٢).
ثم رأى عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ أن يجمع حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم جمعا منظما ويدونه تدوينا مستوعبا ، فكتب إلى عامله على المدينة أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم : «أن انظر ما كان من حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسننه فاكتبه ؛ فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء» (٣).
ومنذ ذلك التاريخ بدأت عناية المسلمين بتدوين الحديث تقوى وتشتد ، وبرز في ميدان جمع الأحاديث أسماء كثيرة نذكرها بكل إجلال وتقدير ، وتوزع هؤلاء على الأمصار الإسلامية المختلفة :
ففي مكة عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المتوفى سنة ١٥٠ ه.
وفي المدينة محمد بن إسحاق المتوفى سنة ١٥١ ه ، ومالك بن أنس المتوفى سنة ١٧٩ ه.
وبالبصرة الربيع بن صبيح المتوفى سنة ١٦٠ ه وحماد بن سلمة المتوفى سنة ١٧٦ ه.
وفي الكوفة سفيان الثوري المتوفى سنة ١٦١ ه.
وفي الشام الأوزاعي المتوفى سنة ١٥٧ ه.
__________________
(١) انظر : ضحى الإسلام (٢ / ١٣٨) ، وتاريخ الفقه الإسلامي لمحمد أنيس عبادة (٢ / ٧٥ ـ ٧٦).
(٢) انظر : تاريخ أبي زرعة الدمشقي (٥٥٦) ، الاستيعاب (٣ / ٩٥٧) ، تهذيب الكمال في أسماء الرجال (١٥ / ٣٥٨).
(٣) انظر : الفكر السامي (٢ / ١١٠).