مقاتل الرازي ، ونصير بن يحيى البلخي ، مات الأول منهما سنة ٢٤٨ ه ، وتوفي الثاني سنة ٢٦٨ ه (١) ؛ أضف إلى هذا أن من أقرانه من توفي سنة ٢٦٨ ه وهو محمد بن عبد الله بن المغيرة بن عمرو الأزدي (٢).
ويعني هذا أن الماتريدي قد ولد قبل عام ٢٤٨ ه بوقت يسمح له بتلقي العلم عن شيخه الذي مات في تلك السنة.
ومن خلال ما سبق يمكننا القول : إن الماتريدي قد يكون ولد في العقد الرابع من القرن الثالث الهجري ، أي ما بين سنة ٢٣٣ ه وحتى سنة ٢٤٠ ه ؛ لأنه كما سبق أن قررنا منذ قليل ـ اعتمادا على رواية وفيات الأعيان ـ أنه ولد قبل الأشعري ببضع وعشرين سنة ، وقيل في إحدى الروايات : إن الأشعري ولد سنة ٢٦٠ ه ، وبضم هذه الرواية إلى الرواية الأخرى التي ذكرت أن وفاة شيخه محمد بن مقاتل كانت سنة ٢٤٨ ه يتبين لنا صحة ما ذهبنا إليه ، فقد يكون سنه على أقصى تقدير يوم وفاة شيخه خمسة عشر عاما ، وعلى أدنى تقدير ثماني سنوات ، ولا يعقل أن يكون الماتريدي قد بدأ في تلقي العلم قبل الثامنة من عمره ؛ لأنه وقتها يكون صغيرا جدّا ، وعلى فرض صحة ذلك فإنه لا يكون على أيدي الشيوخ الكبار أمثال الشيخ محمد بن مقاتل ، بل يكون على أيدي شيوخ صغار ؛ حيث يبدأ الطفل في حفظ القرآن الكريم أولا ، وشيئا من الحديث والشعر العربي ، وعلى أقصى تقدير بعض مبادئ العلوم.
وفاة الماتريدي وضريحه :
اتفقت معظم كتب التراجم على أن الماتريدي توفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة بعد الهجرة (٣) ، بينما ذكر صاحب كشف الظنون أنه توفي سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة (٤) ، ويقطع بهذا بعض المؤرخين المحدثين (٥) ، أما طاش كبرى زاده فيذكر أنه مات سنة ست وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة (٦) ، ولكن الصحيح المشهور هو الأول وهو ما أجمع عليه أصحاب الطبقات ، وهو سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
__________________
(١) ينظر : الطبقات السنية للتميمي (٢ / ٥٦٠).
(٢) ينظر : الجواهر المضية (٢ / ٣٣) ، والطبقات السنية (٢ / ٤٠٣).
(٣) ينظر : ديوان الإسلام (٤ / ١٧٣) ، وتاج التراجم (ص ٢٥٠) ، ومعجم المؤلفين (١١ / ٣٠٠).
(٤) ينظر : كشف الظنون (طبعة استانبول) (٢ / ٤٠٦).
(٥) ينظر : رجال الدعوة في الإسلام لأبي الحسن الندوي (طبعة دمشق) (ص ١٣٦).
(٦) ينظر : طبقات الحنفية (ص ٢٢).