وإزالة الجهل أوّلا.
وعليه فإذا تفحّصنا ولم نتمكّن من إزالة الجهل فعند ذلك يكون المجهول مرفوعا شرعا وموضوعا عنّا ونكون في سعة ما لا نعلم وراحة عنه.
قوله : والمؤاخذة على ترك التعلّم في مقام الاعتذار عن عدم العمل ...
واستدلّ على وجوب الفحص عن الدليل الشرعي بالمؤاخذة على ترك التعلّم في مقام الاعتذار عن عدم العمل بعدم العلم بقوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)(١) ، (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ)(٢) ويستفاد منهما ان العبد يؤاخذ يوم القيامة على ترك العمل حال كون العبد معتذرا بعدم العلم ، وهذا العذر منه لا يقبل ، لأنّه يؤاخذ على ترك التعلّم كما في الخبر المروي عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام وهو أنّه يقال له يوم القيامة هل علمت فيقال له لم عملت وان قال : ما علمت فيقال له : لم تعلّمت يستفاد منه عدم اجراء البراءة.
فالنتيجة أنّه يقيّد بها اخبار البراءة ، إذ نسبة هذه النصوص إلى اخبار البراءة نسبة المقيّد إلى المطلق من حيث شمول أخبار البراءة لما قبل الفحص وبعده واختصاص هذه النصوص المذكورة بالأوّل فتقدّم عليها كما يقدّم المقيّد على المطلق ، نحو إن ظاهرت فاعتق رقبة وإن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة ، وكذا ما نحن فيه ، فالمقيّد هذه النصوص والمطلق أخبار البراءة فيقيد اجراء البراءة بما بعد الفحص ، إذ يكون المراد من المطلق هو المقيد ، إذ هي أظهر وأقوى دلالة منها حال كونها مقيّدة بالاجماع والعقل.
وامّا وجه كونها أظهر وأقوى من أخبار البراءة فلأنّها تدل مطابقة على لزوم
__________________
١ ـ سورة النساء آية ١٦٥.
٢ ـ سورة الأنعام آية ١٤٩.