وإذا كان ممّا لا تجري فيه قاعدة الضرر فلا مانع حينئذ من جريان البراءة فيه فالكبرى مسلّمة وانّما الكلام في احراز الصغرى ، ولكن مجرّد احتمال صغروية المورد لهذه القاعدة لا يمنع عن جريان البراءة فيه مع الفحص واليأس عن الدليل على حكم الضرر ، فكل مقام تشمله قاعدة نفي الضرر فلم يكن مجال في هذا المقام لاصالة البراءة لأنّ الدليل الاجتهادي رافع لموضوعها ، كما ان عدم المجال حال البراءة مع سائر القواعد الثابتة بالأدلة الاجتهادية وهي عبارة عن قاعدة : من أتلف مال الغير فهو له ضامن ، وقاعدة : على اليد ما أخذت حتى تؤدّيه ، ونحو : كل امرئ بما كسبت رهينة ونحوها.
فالنتيجة مع وجود الدليل الاجتهادي سواء كان قاعدة الضرر والضرار ، أم كان غيرها لا مجال للبراءة أصلا ، وذلك لعدم المقتضى لها حينئذ فعدم جريانها مع وجود الدليل الاجتهادي انّما هو لعدم المقتضى لها لا لعدم شرطها ضرورة أن الشرط متأخّر رتبة عن المقتضى فلا يطلق الشرط إلّا مع احراز المقتضى أوّلا فجريان البراءة موقوف بعدم الدليل الاجتهادي سواء كان دليل نفي الضرر ، أم كان غيره ، وهذا لا يختص بالبراءة بل كل أصل عملي يتوقّف جريانه على فقد الدليل الاجتهادي في مورده.
قوله : فإن كان المراد من الاشتراط ذلك ...
فإن كان مراد الفاضل التوني قدسسره من الاشتراط الثاني عدم بقاء مورد للأصل مع تحقّق قاعدة نفي الضرر فلا بد من اشتراط عدم مطلق دليل اجتهادي على خلاف أصالة البراءة لا خصوص قاعدة نفي الضرر والضرار ، إذ الوجه في عدم جريانها مع تحقّق قاعدة نفي الضرر والضرار هو كونها رافعة لموضوع البراءة.
ولا ريب في أن هذا الوجه جار في جميع الأدلّة الاجتهادية لا خصوص قاعدة الضرر لعدم الفرق بينها وبين سائر الأدلّة الاجتهادية والقواعد الاجتهادية في