الثاني : هو الشك في البقاء وهذا مصرّح به في تعريفه.
الثالث : أن يكون الشك متعلّقا ببقاء ما تيقّن به مثلا كان زيد عادلا في الأمس ونشك في بقاء عدالته في هذا اليوم فنستصحب بقاء عدالته فيه ولا يتعلّق بأصل ما تيقّن به كما في قاعدة اليقين ، كما تيقّن عمرو بعدالة زيد في يوم الجمعة ثم شك في أصل عدالته في ذلك اليوم لزوال منشأ علمه بعدالته فهذه القاعدة قاعدة أخرى غير الاستصحاب تسمى بقاعدة اليقين وقد يطلق عليها الشك الساري وسيأتي بحثها في أخير بحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى.
الرابع : بقاء الموضوع في الاستصحاب بمعنى أنّه يعتبر في الاستصحاب اتحاد القضية المشكوكة مع القضية المتيقّنة موضوعا كما يعتبر اتحادهما محمولا ، من تيقّن بقيام زيد مثلا فلا يجوز له استصحاب علمه فانّه محمول آخر فكذا لا يجوز له استصحاب قيام عمرو فانّه موضوع آخر.
ويدل على اعتبار الاتحاد المذكور انّه لا يتحقّق الشك في البقاء إلّا مع اتحاد القضيتين موضوعا ومحمولا ، إذ من تقيّن بعدالة زيد إذا شك في علمه فهو ليس بشك في بقاء ما تيقّن به فكذلك إذا شك في بقاء عدالة عمرو فهو ليس بشك في بقاء ما تيقن به ، وهذا الشرط ممّا لا غبار عليه في الموضوعات الخارجية في الجملة كعدالة زيد مثلا ، أو اجتهاده ، أو فقره ، أو غناه ونحو ذلك في الجملة ، أي في غالبها.
اما بخلاف الزمان وبعض الزمانيات كالدم الخارج من أنف زيد مثلا فانّها وإن لم تكن مجتمعة الأجزاء بحسب الوجود الخارجي لتصرمها ، ولكن الانصاف ان وحدتها حقيقة لا تنثلم بذلك ما دامت الأجزاء متصلة لم يتخلّل العدم بينها ولأجل هذا يجوز استصحاب الليل والنهار ويجوز استصحاب جريان الماء من منبعه والدم من مجراه ، هذا مثال الزمانيات ، فملاك الاتحاد هو نظر العرف وقيل : ان المعيار في الاتحاد هو نظر العقل.