المختار من الحجّية مطلقا على نحو يثبت المدعى ويظهر استدلال سائر الأقوال وبطلانها. فاستدل على المختار بوجوه أربعة :
الأوّل : استقرار بناء العقلاء من الإنسان بل ذوي الشعور من كافة أنواع الحيوانات على العمل على طبق الحالة السابقة لأنّ العقلاء بما هم عقلاء سواء كانوا متدينين ، أم كانوا غير متدينين على العمل على طبق الحالة السابقة ، مثلا كان زيد في السنة الماضية حيّا ولكن نحتمل موته في السنة الحاضرة فلا يرفعون اليد من حياته ومن آثار حياته ويعاملون معه ارسال المرسول ولا يتصرّفون في أموالهم ولا تختار زوجته بعلا آخر ، وكذا إذا كان البلد موجودا في محل ، ولكن نحتمل هدمه وغرقه مثلا ولا يرفعون اليد بهذا الاحتمال من آثار بقائه ، بل جميع الوحوش والطيور يرجع في الليل إلى المحل المألوف ، وحيث لم يردع عن هذا البناء الشارع المقدّس فلا جرم يكون هذا البناء ممضي وماضيا عنده وإلّا لوصل إلينا وحيث لم يصل إلينا فنكشف من عدم الوصول عدم الردع عنه ثم نكشف منه رضاءه.
الجواب عنه
قوله : وفيه أوّلا منع استقرار بنائهم على ذلك تعبّدا بل امّا رجاء واحتياطا ...
أجاب المصنّف قدسسره بالمنع عن استقرار بناء العقلاء على العمل على طبق الحالة السابقة تعبّدا ، يستقرّ بنائهم عليه بملاكات متعدّدة ؛ فقد يكون رجاء واحتياطا وقد يكون اطمينانا بالبقاء ، وقد يكون ظنّا ولو نوعا ، وقد يكون غفلة كما هو الحال في الحيوانات دائما لاختصاص اليقين والشك بالإنسان فلا يستند عمل الحيوان بالحالة السابقة إلى الاستصحاب ، بل يكون عمل الإنسان على طبق محض العادة الناشئة من تكرّر العمل. وكذا يكون عمل الإنسان أحيانا بمحض العادة المذكورة.
قوله : وثانيا سلمنا استقرار بناء العقلاء على العمل على طبق الحالة السابقة ...