لكنه لم يعلم ان الشارع المقدّس يكون بهذا البناء راضيا وهذا عنده ماض ويكفي في الردع عن مثل هذا البناء ما دل من الكتاب الكريم والسنّة الشريفة على النهي عن اتباع غير العلم ، نحو قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) وغيره من الآيات الأخر. ويعلم من هذا النهي عدم رضاء الشارع المقدّس بالعمل على الحالة السابقة تعبّدا ، أو من باب الظن النوعي. ومن الواضح ان الاستصحاب لا يفيد إلّا الظن.
هذا مضافا إلى ان الشارع المقدّس قد جعل في مورد الشك قواعد أخر كالأدلة الدالّة على البراءة ، أو الاحتياط في الشبهات ، وهي تدل بعمومها على ان حكم المشكوك عند الشارع المقدس مطلقا براءة ، أو احتياط سواء كان له حالة سابقة ، أم لم يكن له حالة سابقة.
نعم يصح التمسك باخبار الاستصحاب على امضاء العمل على طبق الحالة السابقة واليقين السابق.
فإن قيل : ان أخبار البراءة وأخبار الاحتياط تكون في قبال أخبار الاستصحاب فتكون بصدد المعارضة مع أخبار الاستصحاب فيرجع حينئذ إلى قانون التعارض من المرجحات المنصوصة سندا ، أو دلالة وسيأتي بيانها في بحث التعادل والتراجيح إن شاء الله تعالى فلا يعمل بأخبار الاستصحاب لاحتمال ترجيحها عليها سندا ، أو دلالة.
قلنا : ان أخبار الاستصحاب حاكمة عليها ، إذ لسان أخبار البراءة براءة ذمّة المكلّف عن الحكم المشكوك فيه سواء كان مسبوقا باليقين ، أم لم يكن مسبوقا به ولسان أخبار الاحتياط اشتغال ذمّة المكلّف بالحكم المجهول سواء كان مسبوقا بالعلم ، أم لم يكن مسبوقا به ، ولسان أخبار الاستصحاب اشتغال ذمة المكلف بالحكم المشكوك فيه إذا كان مسبوقا باليقين. فأخبار الاستصحاب مضيقة