لمّا فرغ المصنّف قدسسره عن بيان الشاهد الأوّل الذي يصحّح اسناد النقض إلى اليقين وهو عبارة عن صحّة قول نقضت اليقين كما قد سبق هذا شرع في بيان الشاهد الثاني وقال : وإن لم يكن مصحّح النقض ما في اليقين من الابرام والاستحكام بل كان المصحّح للنقض ما في المتيقن من اقتضاء الدوام والبقاء لكان استعمال النقض فيما فيه مقتضى البقاء والاستمرار صحيحا حسنا مع عدم حسنه وصحّته لركاكة قولنا : نقضت الحجر من مكانه ، ولا ريب في ان الحجر لو خلى وطبعه يقتضي بقائه في مكانه لأجل ثقالته فالحجر لا ينفصل عن مكانه إلّا برافع. ولكن يصح أن يقال : نقضت الحجر بمعنى كسرته لأنّ الحجر في نفسه لا يخلو من نوع من الابرام والاستحكام بين أجزائه كالحديد مثلا ، كما يصح أن يقال : نقضت البناء إذا أزلته عن مكانه لأنّ كونه في مكانه لا يخلو من ابرام واستحكام أيضا.
والغرض من ذكر هذين المثالين توضيح اسناد النقض إلى الشيء الذي له ابرام واستحكام وذلك كالحجر والبناء ، وكذا اليقين.
امّا بخلاف الظن والشك فانّه لا يصح اسناد النقض إليهما لعدم الابرام والاستحكام فيهما.
فالنتيجة : وان لم يحسن اسناد النقض إلى اليقين إلّا إذا كان متعلّقا بما فيه اقتضاء البقاء والاستمرار لصح اسناد النقض إلى نفس ما فيه اقتضاء البقاء والاستمرار كما في نقضت الحجر من مكانه.
ولمّا صح اسناد النقض إلى اليقين المتعلّق بما ليس فيه اقتضاء البقاء والاستمرار كما في انتقض اليقين باشتعال السراج فيما إذا شك في بقاء الاشتعال للشك في استعداده مع انّه يصحّ اسناده إليه مثل ما يصح اسناده إلى اليقين المتعلّق بما فيه اقتضاء البقاء والاستمرار ، وذلك كاليقين بالطهارة والنجاسة والزوجية والملكية وأمثالها.