اليقين في نظر العرف يكون ذا استحكام وابرام بحيث يصدق في نقضه كسر امّا بخلاف الظن والشك فانّه ليس لهما استحكام وابرام في نظر العرف. ولهذا لا يقال : نقضت الظن والشك ، كما يقال : نقضت اليقين سواء كان متعلّقا بالشيء الذي ليس له مقتضى للدوام والاستمرار ، وذلك كالسراج الذي اشتعل ثم شك في بقاء اشتعاله إلى هذه الساعة من جهة نفاد دهنه وتمامه وهو مقتض لاشتعاله ويكون هذا الشك في المقتضى ويصدق نقض اليقين بالاشتعال وإن كان الشك في المقتضى.
فالنتيجة : ان حسن اسناد النقض إلى اليقين بعد تعذّر إرادة المعنى الحقيقي ليس لليقين هيئة اتصالية كي ترفع وتنقض ليس بملاحظة متعلّقه ، أي المتيقّن حتى يوجب تخصيصه بالمتيقن الذي يكون من شأنه الثبوت والاستمرار لأجل ما يتخيّل في اليقين من الاستحكام والابرام سواء كان متعلّقا بما فيه اقتضاء الثبوت والاستمرار ، أم تعلّق بما فيه عدم اقتضاء الثبوت والدوام والاستمرار. اما بخلاف الظن فانّه ليس فيه إبرام واستحكام.
وعلى طبيعة الحال يكون الاستصحاب حجّة سواء كان في مورد الشك في الرافع ، أم كان في مورد الشك في المقتضى ، إذ المراد من جملة : ولا تنقض اليقين بالشك نقض نفس اليقين لا نقض المتيقّن كي يختص النقض بالمتيقّن الذي له اقتضاء الثبوت والدوام وحتى يكون الشك في الرافع والمزيل لا في المقتضى ، فتفصيل الشيخ الأنصاري قدسسره بين الشك في الرافع وبين الشك في المقتضى فاسد لأنّ الشارع المقدّس أمر بحرمة نقض اليقين بالشك في كل موضع كان فيه اليقين والشك ، فعلم في ان اليقين استحكاما وابراما. ولذا يصح نقضه والظن لا يصح نقضه إذ ليس فيه استحكام وابرام وان كان متعلّقا بما فيه اقتضاء البقاء والاستمرار.
وفي ضوء هذا يصح اسناد النقض إليه ويقال : نقضت اليقين.
قوله : وإلّا لما صحّ أن يسند إلى نفس ما فيه المقتضى له ...