قوله : مثل ذلك الأمر ...
أي بعد تعذّر إرادة مثل ذاك الأمر المبرم المستحكم ، أي بعد تعذّر إرادة المعنى الحقيقي للفظ النقض حقيقة ، وهو عبارة عن ما يصح اسناد النقض إليه حقيقة.
قوله : فإن قلت نعم ولكنّه حيث لا انتقاض لليقين في باب الاستصحاب ...
نعم انّما يكون حسن اسناد النقض إلى اليقين بملاحظة نفسه وذاته ، إذ فيه ابرام واستحكام لا بملاحظة المتيقن (بالفتح) لكن لا انتقاض لليقين في باب الاستصحاب حقيقة والانتقاض حقيقة انّما يكون في قاعدة اليقين ، وسيأتي الفرق بين الاستصحاب وبين قاعدة اليقين في محلّه إن شاء الله تعالى مفصّلا.
وامّا خلاصة الفرق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين أن كلا من اليقين والشك في الاستصحاب قد تعلّق بغير ما تعلّق به الآخر.
وفي قاعدة اليقين قد تعلّق كل واحد منهما بعين ما تعلّق به الآخر فيتّحد متعلّقهما فيها. ولا بد من ذكر المثال هنا وهو (فإذا تيقّن) بالوضوء في أوّل النهار ولكن شك في الوضوء في وسط النهار فهذا مجرى الاستصحاب ولا انتقاض حقيقة هنا فإن ما تعلّق به اليقين السابق وهو الوضوء في أوّل النهار لم يتعلّق به الشك اللّاحق وما تعلّق به الشك اللّاحق ـ وهو الوضوء في وسط النهار ـ لم يتعلّق به اليقين السابق.
وامّا إذا تيقّن بالوضوء في أوّل النهار وشك في وسط النهار في أصل وضوئه في أوّل النهار فهذا مجرى قاعدة اليقين ، وفيه انتقاض اليقين السابق حقيقة.
وعليه فإذا لم يكن انتقاض لليقين في باب الاستصحاب حقيقة فإن كان المتيقّن ممّا ليس فيه اقتضاء البقاء والاستمرار لم يصح اسناد النقض إلى اليقين ولو مجازا ، وإن كان فيه اقتضاء البقاء والاستمرار صحّ اسناد النقض إليه ولو مجازا ، فإنّ اليقين كانه تعلّق بأمر مستمر باق قد انقطع هذا الأمر المستمرّ بسبب الشك في