الأمر من قبله جل وعلى لها بانشائها ...
فقد شرع المصنّف قدسسره في الاستدلال على قابلية القسم الثالث من الأحكام الوضعية للجعل الاستقلالي فقط دون التبعي وقد استدل لهذا الدعوى بأمرين :
أحدهما : يرتبط بقابلية هذا القسم للجعل الاستقلالي.
وثانيهما : لعدم قابليته للجعل التبعي ، امّا الاحتجاج على الأوّل فانّه لا شك في صحّة انتزاع هذه الامور المذكورة من مجرّد جعل الله تعالى لها ، أو من مجرّد جعل من بيده الأمر من قبله لها كما في الحجّية والقضاوة والولاية ، أو من مجرّد العقد ، أو الايقاع ممّن بيده الاختيار كما في النيابة والحرية والرقية والزوجية والملكية والطلاق والعتاق ونحوها ، كل ذلك بلا ملاحظة التكليف والآثار التي في موردها من جواز النظر والمس والدخول والاضطجاع ونحو ذلك في الزوجية ، ومن جواز أنحاء التصرّفات في الملكية ومن حفظ العدّة واختيار التبعل في الطلاق ومن نفاذ التصرّفات والتملّك في الحرية ومن جواز التصرّفات فيما ينوب به في النيابة وهكذا فلو كانت هذه الامور منتزعة من التكاليف التي هي في موردها بدعوى ان المجعول أولا بوسيلة العقد ، أو الايقاع التكاليف التي قد ذكرت آنفا ، ثم تنتزع هذه الامور من تلك التكاليف المجعولة بالعقد ، أو الايقاع للزم أمران :
أحدهما : أن لا يصح انتزاع هذه الامور المذكورة بمجرّد جعلها بلا ملاحظة تلك التكاليف مع انّها تنتزع بلا ملاحظتها قطعا.
ثانيها : أن لا يقع ما قصد من العقد ، أو الايقاع من هذه الامور الوضعية وأن يقع ما لم يقصد منهما من تلك التكاليف المجعولة بوسيلة العقد ، أو الايقاع مثلا لو قلنا بمجعولية الملكية بتبع التكليف للزم أن يكون المقصود غير واقع والواقع غير مقصود ، إذ المقصود من قول البائع للمشتري بعتك داري بمائة دينار هو جعل الملكية للمشتري وانشاء مفهوم البيع أعني منه التمليك وليس المقصود منه انشاء