فانّ الشك في بقاء جزئية الجزء ناش عن الشك في بقاء الأمر بالكل الذي قد انتزع منه جزئية الجزء فيجري الأصل في السبب دون المسبّب وإن كانا متوافقين وليسا بمتخالفين وسيأتي تحقيق السببي والمسببي مفصّلا في أواخر بحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى.
وامّا النحو الثالث من الوضع الذي ادّعى المصنّف قدسسره تطرّق الجعل الاستقلالي إليه فقط دون التبعي وان صرّح المصنّف قدسسره في بدو الأمر بقابليته للجعل الاستقلالي والتبعي معا كالحجّية والقضاوة والولاية ونحوها فلا مانع عن استصحابه فانّه كالتكليف بعينه فكما يصحّ استصحاب بقاء التكليف إذا شك في بقائه وزواله فكذا يصحّ استصحاب القسم الثالث من الوضع ولكن الانصاف ان الشرطية والمانعية بالنسبة إلى التكليف منتزعة من جعل المولى التكليف مقيّدا بوجود شيء في الموضوع ، أو عدمه ، فتكون الشرطية والسببية والمانعية مجعولة بتبع التكليف فهذا القسم قابل للجعل التشريعي تبعا.
وعلى طبيعة الحال فلا مانع عن استصحابه ، أي القسم الأول ، كما في النحو الثاني والثالث حرفا بحرف وقد سبق هذا الأمر فلا حاجة إلى التكرار.
قوله : والتكليف وإن كان مترتّبا عليه إلّا انّه ليس ...
قال المصنّف قدسسره : إذا علم ممّا سبق اختلاف الوضع في عالم الجعل من حيث الأحكام فليعلم انّه لا مجال لاستصحاب دخل ما له الدخل في التكليف من السببية والشرطية في القسم الأوّل من الوضع ، إذ التكليف وإن كان مترتّبا على نفس السبب كترتّب وجوب الصلاة على الدلوك وعلى نفس الشرط كترتّب وجوب العبادات على البلوغ والحياة والعقل والقدرة وعلى نفس المانع والرافع كترتّب عدم وجوب الصلاة والصوم على الحيض والنفاس ، وكترتّب رفع التكليف على الحيض الذي يعرض على المرأة في أثناء الوقت.