بقوله : فانّ أمر وضعه ورفعه بيد الشارع المقدّس ولو بتبع منشأ انتزاعه.
فإن قيل : انّه لا تطلق الأحكام الشرعية على مثل الجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية ، وهذا يكفي في عدم جريان الاستصحاب في هذا القسم الثاني.
قلنا : انّا لا نسلم عدم اطلاق الأحكام الشرعية على هذه الامور المذكورة ، لأنّ الأحكام الشرعية على نحوين :
الأوّل : تكليفية.
والثاني : وضعية.
وهذه الامور وإن لم تكن أحكاما تكليفية ولكنّها أحكام وضعية ، هذا أولا. وثانيا : لو سلّمنا عدم إطلاق الأحكام الشرعية عليها لما يضر هذا في جريان الاستصحاب ، إذ مناط جريانه في الأمر الذي يكون تصرّف الشارع المقدّس فيه بحيث إذا شاء أن يضعه وإذا شاء أن يرفعه كعنوان الجزئية مثلا ، إذ للشارع المقدّس أن يجعل عنوانها لجزء المكلّف به وان يرفعه له ، مثلا يمكن للشارع المقدّس أن يجعل أمره متعلّقا بالصلاة التي تكون لها عشرة أجزاء ومن جملتها تكون سورة بعد الحمد ووضع عنوان الجزئية لها.
وان يجعل أمره متعلّقا بالصلاة التي تكون لها تسعة أجزاء فلا تكون السورة من جملتها ورفع حينئذ عنوان الجزئية عن السورة بعد الفاتحة. وكذا في عنوان الشرطية والمانعية والقاطعية حرفا بحرف.
وفي ضوء هذا فالاستصحاب يجري في القسم الثاني من الوضع بلا إشكال.
قوله : نعم لا مجال لاستصحابه لاستصحاب ...
فالنتيجة أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب في المجعول التبعي من الوضع ، ولكن لا تصل النوبة به في هذا القسم لوجود الأصل الحاكم هنا ، وهو عبارة عن استصحاب الحكم التكليفي الذي تنتزع عنه الجزئية ، والشرطية ، والمانعية ،