فالنتيجة كان الحكم في الشريعة السابقة ثابتا لعامة أفراد المكلف ممّن وجد في زمان الصدور والجعل ، أو يوجد إلى قيام يوم الدين والجزاء فكان الشك في بقائه كالشك في بقاء الحكم الثابت في هذه الشريعة المقدّسة في صحّة جريان الاستصحاب لغير من وجد في زمان ثبوت الحكم وصدوره كما لا يخفى.
وجه فساد اختلال الثاني
قوله : والشريعة السابقة وإن كانت منسوخة ...
أي نمنع كون الشريعة السابقة منسوخة بتمامها بهذه الشريعة اللاحقة الإسلامية كي لا يمكن لنا استصحاب حكم من أحكام تلك الشريعة الماضية. ضرورة أن مقتضى نسخ الشريعة السابقة باللاحقة ليس ارتفاعها بأسرها وتمامها ، بل يكون مقتضاه عدم بقائها بتمامها.
فإن قيل : العلم الاجمالي بارتفاع بعض أحكام الشريعة الماضية انّما يمنع عن استصحاب ما شك في بقائه منها ، أي يمنع العلم الاجمالي المذكور عن استصحاب الحكم الذي شك في بقائه من أحكام الشريعة السابقة لاحتمال نسخه بها. وعلى طبيعة الحال فلا يجري الاستصحاب في بقاء أحكامها.
قلنا : العلم الاجمالي المذكور يمنع عنه إذا كان المشكوك من أطراف العلم الاجمالي المذكور آنفا ولا يمنع عنه فيما إذا لم يكن من أطرافه أصلا ، كما إذا نعلم تفصيلا بمقدار ما علم نسخه إجمالا نحو عشر أحكام مثلا ، أو نعلم كون العلم الاجمالي بالنسخ في موارد خاصة ليس المشكوك بقاء منها.
وفي ضوء هذا ليس المانع بموجود عن جريان الاستصحاب بالإضافة إلى أحكام الشريعة السابقة.