الشيخ الأنصاري قدسسره ما يوهمه ظاهر كلامه من كون القضايا الشرعية من قبيل القضايا الطبيعية ضرورة ان التكليف والبعث في الأوامر والزجر في النواهي لا يكاد يتعلّق بالكلّي على نحو القضايا الطبيعية بحيث لا يكون للأشخاص دخل في التكليف والبعث والزجر ، بل لا بدّ من تعلّقه بالأشخاص والأفراد ، وكذا الثواب والعقاب المترتّبان على الطاعة والمعصية مربوطان بالأشخاص والأفراد. ولهذا يقال : زيد المطيع مستحق للثواب ، ويزيد العاصي مستحق للعقاب. وامّا إذا قيل : إنسان مطيع يستحق الجنان وعاص النيران فالمراد منه الافراد والأشخاص لا الطبائع لأنّها غير موجودة في عالم الخارج. والحال ان ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له في الخارج.
وعلى ضوء هذا الأساس فلا بد من أن يكون غرض الشيخ الأنصاري قدسسره من عدم دخل الأشخاص في الأحكام الإلهية عدم دخل خصوص الأشخاص الموجودين في زمان جعل أحكام الشرائع الماضية ، إذ برّ الوالدين ولزوم ردّ الأمانة ومراعاة الوفاء بالعهود والايمان والاخلاص والخلوص بالعبادة و ... ثابتة لعامّة المكلّفين في كل زمان وعصر إلى قيام الساعة.
قوله : فافهم ...
وهو إشارة إلى ان لحاظ الكلّي بما هو كلّي في باب الزكاة والوقف العام لا يخلو عن مناقشة ، إذ لوحظ الكلّي في هذه الموارد باعتبار وجوده في ضمن الأشخاص والأفراد لا بما هو هو ، إذ الكلي بما هو هو غير قابل للمالكية. وهذا الأمر واضح لمن له أدنى تحقيق وتدقيق.
قوله : وامّا ما أفاده من الوجه الأوّل فهو وإن كان ...
فهو وإن كان وجيها بالنسبة إلى جريان الاستصحاب في خصوص المدرك للشريعتين ، إلّا أن ما أفاده غير مجد في حق غير المدرك للشريعتين من المعدومين