وعلامته صحّة وقوع لفظ بعض موقعها ، أي إذا أمرتكم بشيء فأتوا بعضه وقت استطاعتكم وقدرتكم ، نحو قوله تعالى : (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) ، أي بعضهم ، أي إذا أمرتكم بشيء فأتوا بعضه وقت استطاعتكم وزمان قدرتكم بعد تعذّر الإتيان بجميعه ، فالاستدلال به مبتن على كون كلمة (من) تبعيضية وال (ما) مصدرية ظرفية أو موصولة ، أو موصوفة بدلا من (منه).
ويحتمل أن تكون بيانية وهي التي يكون مدخولها جنسا نحو قوله تعالى : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) ، أي الذي هو الأوثان وعلامتها حلول لفظ الذي موقعه كما في الآية الشريفة المذكورة ، وأن تكون بمعنى الباء جيئت للتعددية نحو قوله تعالى : (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) ، أي بطرف خفي ، وعلى هذين الاحتمالين لا يدل الحديث الشريف على وجوب الإتيان ببعض أجزاء المركب بعد تعذر القراءة والستر ، إذ يصير معناه وجوب الإتيان بشيء مقدور ، ولا نزاع فيه ، أي إذا أمرتكم بشيء فأتوا الذي استطعتم به ، أو فأتوا بشيء استطعتم به.
ولكن الأظهر ان الإتيان يتعدّى بالباء إلى المأتي به نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَ) وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ). وعليه فالأظهر كون (من) تبعيضية.
وفي ضوء هذا لا يدل على المدعى كما لا يخفى على أهل الفن ، ولكن ظهور كلمة (من) في التبعيض لا يخفى على أحد ولكن ظهورها في تبعيض الاجزاء غير واضح لاحتمال أن يكون التبعيض بلحاظ أفراد المأمور به لا بلحاظ أجزائه ، أي إذا أوجبت عليكم شيئا فأتوا منه ما دام قدرتكم عليه ، فكل فرد من أفراد المأمور به إذا كان مقدورا لكم فأتوا منه وكل فرد من أفراد المأمور به إذا لم يكن مقدورا لكم فهو ساقط عنكم ، هذا أوّلا.
وثانيا لو سلمنا ظهورها في التبعيض بحسب الاجزاء فلا محيص عن أن