ومما ذكرنا في المقام ، يظهر ـ أيضا ـ حال الاستصحاب في متعلقات الاحكام في الشبهات الحكمية والموضوعية ، فلا تغفل (١).
______________________________________________________
نقضا جرى الاستصحاب ، وان لم تتحد القضية المشكوكة والمتيقنة عقلا كما في الماء المتغير ، فان العقل يرى ان موضوع النجاسة هو الماء المتغير فاذا ارتفع التغير لا يرى العقل الموضوع متحدا ، ولكن العرف يرى ان الموضوع للحكم هو الماء وان وصف التغير من قبيل العلة لورود حكم النجاسة على الماء ، فمع ارتفاع التغير عن الماء يجري عند العرف استصحاب النجاسة ((وان لم يكن بنقض)) أي من نقض اليقين بالشك ((بحسب الدقة)) كما مر في الماء المتغير. ومنه يتضح انه ((لو انعكس الامر ولم يكن نقض عرفا)) أي لم يكن رفع اليد عن اليقين عند العرف نقضا كما في الماء المتحول بخارا ((لم يكن الاستصحاب جاريا وان كان هناك نقض عقلا)) وان رفع اليد عن اليقين من نقض اليقين بالشك عند العقل ، لان البخار ماء شفاف بحسب النظر العقلي الدقي ، إلّا انه لا عبرة بنظر العقل في اتحاد القضيتين.
(١) توضيحه : ان موضوعات الاحكام : تارة تكون امورا مجعولة شرعية كالطهارة والنجاسة والصعيد والصلاة ، ولا بد في هذه الموضوعات من اتباع الدليل الشرعي الدال على حدودها ، لان الاستصحاب وان كان بنظر العرف إلّا ان الموضوع لما كان مجعولا شرعيا فلا بد وان يؤخذ بحدوده من الجاعل المعتبر له ، فلو شككنا في الصعيد لشبهة حكمية بان شككنا في كون ارض النورة او ارض السبخة من الصعيد لم يكن مجال لاستصحاب صعيديته ، فيما لو كانت الارض صعيدا ثم انقلبت سبخة او نورة فلا يصح التيمم به ، او شككنا في الصعيدية به لشبهة موضوعية بان خلطنا التراب الذي هو صعيد قطعا بجسم آخر لا يصح التيمم به كبرادة الخشب حتى شككنا في بقائه صعيدا لم يكن مجال ايضا لاستصحابه ، لانه لا بد من اتحاد الموضوع في القضيتين. هذا كله في الموضوعات الشرعية التي اخذت متعلقا للحكم الشرعي.