فإنه يقال : إنما يكون ذلك لو كان في الدليل ما بمفهومه يعم النظرين ، وإلا فلا يكاد يصح إلا إذا سبق بأحدهما ، لعدم إمكان الجمع بينهما لكمال المنافاة بينهما ، ولا يكون في أخبار الباب ما بمفهومه يعمهما ، فلا يكون هناك إلا استصحاب واحد ، وهو استصحاب الثبوت فيما إذا أخذ الزمان ظرفا ، واستصحاب العدم فيما إذا أخذ قيدا ، لما عرفت من أن العبرة في هذا الباب بالنظر العرفي ، ولا شبهة في أن الفعل فيما بعد ذاك الوقت معه قبله متحد في الاول ومتعدد في الثاني بحسبه ، ضرورة أن الفعل المقيد بزمان خاص غير الفعل في زمان آخر (١) ،
______________________________________________________
الى الزوال وشك فيه فيما بعد الزوال ، يجوز استصحاب الوجوب الى ما بعد الزوال كما يجوز استصحاب عدمه الثابت قبل التكليف بالجلوس ... انتهى.
وحاصل ما يقوله المصنف : انه لعل نظر النراقي في دعوى جريان استصحاب الوجود والعدم الى انه بناء على كون الموضوع بنظر العرف يجري استصحاب الوجود ، وبناء على كونه بنظر العقل يجري استصحاب العدم.
وقد اورده المصنف بنحو لا يقال ، وحاصله : انه اذا كان هناك نظران نظر العقل ونظر العرف ، فيجري استصحاب وجود الحكم لنظر العرف ، ويجري استصحاب العدم بنظر العقل ، ويتعارض الاستصحابان. وفي قوله كما قيل اشارة الى انه لعل نظر من قال بجريان الاستصحابين في المقام وتعارضهما الى ذلك وهو الفاضل النراقي.
(١) توضيحه : انه لا يعقل ان يكون الدليل المستفاد منه حجية الاستصحاب شاملا لكلا النظرين ، لان لازمه جعل المتناقضين ، وكما ان اجتماع المتناقضين واقعا محال فتشريع المتناقضين محال ايضا لانه من الجمع بين النقيضين ، لان لازمه اعتبار الاستصحاب وعدم اعتباره ، فلا يعقل ان يكون دليل الاستصحاب شاملا لكلا النظرين ، بل لا بد وان يكون منزلا على احد النظرين في تعيين موضوع