بالنجاسة أو ما يوجب الحرمة ، لدل على استمرار ذاك الحكم واقعا ، ولم يكن له حينئذ بنفسه ولا بغايته دلالة على الاستصحاب (١).
______________________________________________________
من عدم معقولية استمرار الحكم الواقعي بنفسه الى زمان العلم بالنجاسة ، فلا بد وان يكون استمراره الى زمان العلم استمرارا تعبديا ، ومعنى ذلك هو الاستصحاب ، والى هذا اشار بقوله : ((حيث انها)) أي الغاية ((ظاهرة في استمرار ذاك الحكم الواقعي ظاهرا)) المستفاد ذلك من استمراره الى زمان العلم ، واليه اشار بقوله : ((ما لم يعلم بطروء ضده أو نقيضه)) وقد عرفت ان كون النجاسة من طروء الضد مبني على كون النجاسة والطهارة أمرين وجوديين ، كما ان كون النجاسة من طروء النقيض مبني اما على ان النجاسة امر وجودي والطهارة امر عدمي او بالعكس.
(١) حاصله : ان الغاية حيث كانت هي العلم بالنجاسة كانت دالة على الاستصحاب ، لما عرفت من ان الطهارة الواقعية غايتها هي حدوث النجاسة او ملاقاتها للشيء لا العلم بها ، فلما كانت الغاية هي العلم بالنجاسة كان الاستمرار تعبديا ومعناه هو الاستصحاب ، ولو كانت الغاية هي حدوث النجاسة او ملاقاتها للشيء لما استلزم ذلك كون الاستمرار تعبديا ، بل كان الاستمرار عقليا ، لبداهة ان ارتفاع الشيء بنقيضه أو بضده امر عقلي لا شرعي ، واذا كان الارتفاع بالضد او النقيض امرا عقليا فاستمرار الشيء الى حدوث ضده أو تحقق نقيضه امر عقلي ايضا.
ولا يخفى ايضا انه اذا كانت الغاية للطهارة الواقعية هو حدوث النجاسة أو ملاقاتها ، فيكون المستفاد من ذلك هو الحكم بالطهارة الواقعية لا غير من دون دلالة على الاستصحاب ، لان المستفاد من المغيى هو الطهارة الواقعية ، والمستفاد من الغاية هو استمرارها عقلا الى حدوث الضد او النقيض. والى ما ذكرنا اشار بقوله : ((كما انه لو صار مغيّا لغاية)) غير العلم بالنجاسة بان كانت الغاية ((مثل الملاقاة بالنجاسة)) فيما دل على الطهارة الواقعية ((او)) كانت الغاية لما دل على الحلية الواقعية هي ((ما يوجب الحرمة)) ككون الخل ـ مثلا ـ حلالا حتى يكون خمرا دون