.................................................................................................
______________________________________________________
كانت المصالح والمفاسد نوعية ، فان اللطف يدعو الى الامر بما هو مولوي يترتب على اطاعته وعصيانه الثواب والعقاب.
فظهر مما ذكرنا : ان الحكم التكليفي هو نفس الامر والنهي ، وليس هو الارادة ولا منتزعا عنها ، لان امره ونهيه هو المجعول للشارع بما هو شارع لا بما هو موجد ومكون ، وهو الذي يكون داعيا للمكلف الى ان يفعل ويترك.
الامر الثالث : ان المجعول التشريعي : تارة يكون مجعولا بالاستقلال ليس بتابع لجعل آخر كوجوب الصلاة وحرمة الزنا مثلا. واخرى يكون مجعولا يتبع في جعله جعلا آخر كوجوب مقدمة الواجب وهو مجعول بالاستقلال ايضا. وثالثة : يكون جعلا لشيء أولا وبالذات ، ولآخر ثانيا وبالعرض ، بان لا يكون هناك الّا جعل واحد يكون ذلك الجعل بالنسبة لشيء جعلا تشريعيا بالذات وللآخر بالعرض ، كحرمة ترك الواجب ووجوب ترك الحرام فانه ليس هناك الّا جعل واحد وهو جعل الوجوب والحرمة ، ولكنه لازم الوجوب المتعلّق بالفعل عدم الرضا بالترك ، لزوما لا لمفسدة في نفس الترك ، بل للمصلحة اللزومية في نفس الفعل كان ترك الواجب حراما بهذا اللحاظ ، ففي الحقيقة ليس هناك الّا جعل الوجوب وهو جعل استقلالي للزوم الاتيان بالفعل أولا وبالذات للمصلحة اللزومية التي هي في نفس الفعل وهو جعل بالعرض لحرمة الترك وليس هناك جعلان استقلاليان ولو بالتبع كجعل المقدمة التابع لجعل وجوب ذيها. ولا يخفى ان مراد المصنف من المجعول بالتبع في المقام الذي به فسر انتزاع التكليف هو هذا القسم الثالث ، لما سيأتي من تصريحه بكون الحكم الوضعي المجعول بالتبع عنده ليس له جعل استقلالي ولو بالتبع لجعل آخر كجعل وجوب المقدمة ، بل ليس هناك الّا جعل واحد يكون متعلقه هو المجعول بالاستقلال والحكم الوضعي منتزع عنه ولا جعل له بالذات اصلا.
اذا عرفت ما ذكرنا اتضح مراد المصنف من قوله : ((هو ان الوضع كالتكليف)) في كون التكليف مفروغا عن مجعوليته التشريعية وانه ليس هو الارادة والكراهة