.................................................................................................
______________________________________________________
واما الفرق بين السبب والشرط فلا يخلو عن اشكال ، لان السبب للموجود الممكن الذي هو العلّة له منحصر في أربع : العلّة الصورية : وهي التي منها يسري فيض الوجود الى المادة كالصور المتعاقبة على المادة المنوية ، من كونها علقة ومضغة ولحما حتى تكون انسانا.
والعلّة المادية : وهي نفس المادة المتحصلة فعلا بالصورة ، فان المادة هي التي تتحصّل بالصورة المائية مثلا فيكون ماء بالفعل ، وتتحصّل بالصورة البخارية فتكون بخارا بالفعل ، أو تتحصّل بالصورة الكلبية فتكون كلبا بالفعل ، وتتحصل بالصورة الملحية فتكون ملحا .. وهذان هما علل القوام ، لان ما يتقوّم منه الجوهر المركب هو صورته ومادته.
والعلّة الفاعلية : وهو الفاعل الموجد للشيء ككون الشخص فاعلا لحركاته كمشيه وجلوسه وساير افعاله الاختيارية ، ومثل الله تبارك وتعالى المفيض للوجود على كل الموجودات فانه عزّ شانه هو الفاعل للوجود.
والعلّة الغائية : وهي الغرض الداعي للفاعل لان يفعل ، كالمعرفة الداعية له جلّ جلاله ان يخلق الخلق ، كما في الحديث : (كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي أعرف) (١).
ومن الواضح ان التكليف ليس من الموجودات المادية حتى تكون له علّة صورية ومادية ، ومن الواضح ايضا ان فاعل التكليف هو الشارع لا الزوال. وبعد ما مرّ عليك من ان الغاية للتكليف هي المصالح والمفاسد ، تعرف ان الزوال ليس هو العلّة الغائية ايضا ، وغاية ما يمكن ان يقال هو دخالة الزوال في ترتب المصلحة ، فهو دخيل في العلّة الغائية.
__________________
(١) بحار الانوار ج ٨٤ ، ص ١٩٩ (الطبعة الثانية المصححة ١٤٠٣).