بالكثير ، حتى إنه ليؤتى بالسورة جميعها مسجوعة كسورة الرحمن ، وسورة القمر وغيرهما ، وبالجملة فلم يخل منه سورة».
وترى أنه يستحسن السجع ، ويرمى الذين لا يستحسنونه بأنهم لا يجيدونه ، ونقول أنه لا يمكن أن يكون حسنا فى كل الأحوال ، فمثلا بيان الأحكام الشرعية فى أى كلام بليغ لا يصح أن يكون سجعا ، ولكل مقام مقال كما يذكر علماء البلاغة.
وخلاصة ما يقرره المثبتون للسجع فى القرآن أنهم يعتمدون على ما يتلونه من اتحاد الحروف فى مقاطع القرآن ، ويقررون مع ذلك أن سجع القرآن أعلى من كلام البشر ، فليس على شاكلة مثله فى كلام الناس ، لأنه أعلى من كلام الناس.
١٢٦ ـ من هذه النقول التى نقلناها نجد الذين يقررون أن فى القرآن سجعا يعتمدون :
أولا ـ على نصوص القرآن التى ثبت فيها أن الفواصل المتحدة فى الحروف كثيرة فى القرآن.
وثانيا ـ على أن السجع ليس عيبا فى القول ، ولكنه من محسنات القول ، وقد وقع كثيرا فى كلام العرب الجيد ، وأنه لم يكن سجع الكهان هو السائد فقط ، بل كان من بلغاء العرب من اتجه إلى السجع البليغ ، فقد روى عن أبى طالب عم النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال لسيف بن ذى يزن :
«أنبتك الله منبتا طابت أرومته ، وعزت جرثومته ، وثبت أصله ، وبسق فرعه ، ونبت زرعه فى أكرم موطن ، وأطيب معدن».
وإن الذين نفوا السجع من القرآن قالوا إنه مذموم ، وعلى رأسهم الرمانى ، وجاء من بعده أبو بكر الباقلانى ، فنهج ذلك المنهج وسار على ذلك الخط ، ونسبه إلى الأشاعرة ، فقال :
«ذهب أصحابنا كلهم إلى نفى السجع فى القرآن وذكره الشيخ أبو الحسن الأشعرى فى غير موضع من كتبه».
وإذا كان الذين ردوا على الرمانى قد بينوا أن السجع ليس مذموما على إطلاقه ، إنما المذموم منه سجع الكهان ، وما كان فيه اللفظ هو المقصود ، والمعنى تابع له.
وقد أنكر الباقلانى أن يكون فى القرآن سجع ، وما ادعوه من سجع فيه وساقوه ، هو وهم لا أساس له فقال :
«والذين يقدرون أنه سجع هو وهم ، لأنه قد يكون الكلام على مثال السجع ، وإن لم يكن سجعا ، لأن ما يكون به الكلام سجعا ، يختص ببعض الوجوه دون بعض ،