النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان يرسل رسله إلى الأقاليم آحادا ، ولا يرسلهم جماعات.
ولا يلزم الأخذ بأحاديث الآحاد فى تفسير الآيات التى تتعلق بالعقائد من ضرب الأمثال ، وذكر أسرار الكون من خلق السموات والأرض ، ومن سير الشمس والقمر ، وتسخير الرياح ، والأنهار والبحار ، وغير ذلك ، فإن ما يتعلق وكل ما ورد فيه من السنة أخبار آحاد أو رواتها غير ثقات لا يعتبر حجة فى تفسير القرآن وفهمه ، بحيث يجب الأخذ به ، ومخالفته تكون مخالفة للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم ، فإنه من الثابت أن ما يجيء فى السنة مخالفا للمقررات العلمية القاطعة ، ويكون من أحاديث الآحاد يرد وتبطل نسبته إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ، فليس معنى رده تكذيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، إنما معنى رده أنه لم تصح نسبته إلى النبى ، وهو الصادق. ونقول مقالة الصديق خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم التى رددها الشافعى ، وهى قوله : «أى أرض تقلنى وأى سماء تظلنى ، إذا قلت فى القرآن ما لم أعلم».
وإن دراسة الآيات الكونية للعقل والاستقراء والتتبع مقام فى إدراكها ، ما لم تخالف نصا قرآنيا أو حديثا نبويا متواترا ، وليس فى الأحاديث المتواترة ما يعارض هذه الدراسة قط ، والله أعلم.
وهنا أمر آخر يتعلق بالقصص القرآنى ، ونقول فيه : إن القرآن يفسر بعضه بعضا فى هذا القصص ، وما يجيء ـ من السنة من زيادة على القرآن فى هذا يقبل منه ـ ما لا يناهض القرآن ، وما يزيد يقبل ما دام السند صحيحا ، وليس ثمة ما يرده سندا أو متنا ، ولا يجب الإيمان بالزيادة بحيث يكفر من ينكرها ما دامت أحاديثها لم تصل إلى مرتبة التواتر. ولكن ما لم يكن مطعن فيها يؤخذ بها على أساس الاطمئنان إليها.
هذه هى السنة ، وهى تعد المرتبة الأولى فى تفسير القرآن الكريم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
٢٤٨ ـ أما المرتبة التى تلا مرتبة السنة فهى أقوال الصحابة فى فهم معانى القرآن الكريم ، فكلامهم فى هذا له اعتبار فى فهم الكتاب العزيز لما يأتى :
(أ) أن الصحابة هم الذين سمعوا القرآن الكريم ابتداء ، وهم الذين شاهدوا وعاينوا ، وتلقوا التفسير عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ، وكان ما يبهم عليهم يسألون النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عنه ، ويروى عن ذى النورين عثمان رضى الله تعالى عنه ، أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان كلما تلا عليهم طائفة من الآيات تولى تفسيرها لهم ، فكان تفسيرهم أقرب إلى السنة ، بل يعده الكثيرون من السنة ، ما دام لا يمكن أن يكون للرأى فيه مجال.