المضايفة ، والعدل والعدل يتقاربان ، لكن العدل يستعمل فيما يدرك بالبصيرة كالأحكام ، وعلى ذلك قوله تعالى : (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) [المائدة : ٩٥].
والعدل والعديل فيما يدرك بالحاسة كالموزونات والمكيلات ، فالعدل هو التقسيط على سواء ، وعلى هذا روي : " بالعدل قامت السماوات والأرض" تنبيها أنه لو كان ركن من الأركان الأربعة في العالم زائدا على الآخر أو ناقصا عنه على مقتضى الحكمة لم يكن العالم منتظما.
والعدل ضربان : مطلق يقتضي العقل حسنه ولا يكون في شيء من الأزمنة منسوخا ، ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو الإحسان إلى من أحسن إليك ، وكف الأذية عمن كف أذاه عنك ، وعدل يعرف كونه عدلا بالشرع ، ويمكن أن يكون منسوخا في بعض الأزمنة ، وهذا النحو هو المعني بقوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) [النحل : ٩٠] فإن العدل هو المساواة في المكافأة إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، والإحسان أن يقابل الخير بأكثر منه ، والشر بأقل منه ، ورجل عدل عادل ، ورجال عدل يقال في الواحد والجمع ، قال الشاعر :
فهم رضا وهم عدل
وأصله مصدر كقوله : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق : ٢] أي : عدالة (١).
ويعتبر هذا الكتاب من الكتب الكبيرة نسبيا وهناك بعض الكتب في الغريب فيها اختصار شديد ، بحيث أنها لم تأت إلا بكلمة واحدة عن المعنى الغريب ، وقد تصل إلى كلمتين ، وهذا يكون نادرا ، وخلت من إيراد الشواهد من القراءات والشعر والحديث ، وآراء أهل اللغة ، وينطبق هذا على كتاب : " العمدة في غريب القرآن" لمكي بن أبي طالب (٤٣٧ ه) ، ومن أمثلة ما ورد في هذا الكتاب ما يلي :
(قَسَتْ) [البقرة : ٧٤] : صلبت (٢).
(الأمنية) [البقرة : ٧٨] : التلاوة (٣)
__________________
(١) المفردات : ٣٢٥ ولو لا الإطالة لأوردت كل ما جاء في هذه الكلمة العظيمة.
(٢) العمدة في غريب القرآن ، لمكي بن أبي طالب : ٧٩ (ت ـ د : يوسف المرعشلي ، ط. (١) مؤسسة الرسالة ١٤٠٤ ه ـ ١٩٨١ م بيروت).
(٣) العمدة : ٧٩.