المفردات في غريب القرآن ، للراغب الأصفهاني (٥٠٢ ه) :
وهذا الكتاب من أجل كتب الغريب وأجزلها فائدة ، فهو تفسير جامع لما ورد في القرآن الكريم من الكلمات الصعبة ، وقد رتبه بحسب الحروف الهجائية كما هو الشأن في المعاجم اللغوية ، وبذلك كان من السهل على الباحث أن يحصل على مراده دون تعب وفي مدة وجيزة ، وقد أدى المؤلف إلى الباحثين خدمة كبرى بهذا الكتاب الذي أصبح من المراجع المهمة التي لا يستغني عنها المشتغلون بدراسة القرآن وتفسيره ، ويتبين من هذا الكتاب أن مؤلفه كان متمكنا من اللغة تمكنا تاما ، ومحيطا بدقائقها ، وملما بالنحو والصرف إلماما جيدا ، وهو فوق ذلك وصف بأنه أحد أئمة أهل السنة والجماعة ، ويرد على المعتزلة والجبرية والقدرية (١) ، ويفند أقوالهم بالأدلة العقلية والنقلية (٢) ، فرحمهالله رحمة واسعة.
ومن أمثلة ما ورد في هذا الكتاب :
حدب : يجوز أن يكون الأصل في الحدب : حدب الظهر ، يقال : حدب الرجل حدبا فهو أحدب ، واحدودب ، وناقة حدباء تشبيها به ، ثم شبه به ما ارتفع من الأرض فسمي حدبا ، قال تعالى : (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) (٣) [الأنبياء : ٩٦]
حذر : أو الحذر : احتراز عن مخيف يقال : حذر حذرا حذرته ، قال عزوجل :
(يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) [الزمر : ٩] وقرئ : وإنا لجميع حذرون ـ وحاذرون [الشعراء : ٥٦] وقال تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) [آل عمران : ٢٨] وقال عزوجل :
(خُذُوا حِذْرَكُمْ) [النساء : ٧١] أي : ما فيه الحذر من السلاح وغيره ، وقوله تعالى : (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ) [المنافقون : ٤] وقال تعالى : (إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) [التغابن : ١٤] وحذار أي : احذر ، نحو مناع : أي امنع (٤).
عدل : العدالة والمعادلة لفظ يقتضي معنى المساواة ، ويستعمل باعتبار
__________________
(١) انظر المفردات : مادة (جبر) ، ص ٨٥ وما بعدها.
(٢) المفردات : ص ٤ ، ٣.
(٣) المفردات : ص ١١٠.
(٤) المفردات : ص ١١١.