ومن كتب المعاني كذلك : معاني القرآن وإعرابه ، للزجاج (٣١١ ه) (١) :
وهذا الكتاب من أهم آثار الزجاج ، وقد حدد منهجه في مقدمته لهذا الكتاب حيث يقول : " وإنما نذكر من الإعراب المعنى والتفسير ؛ لأن كتاب الله ينبغي أن يتبين ، ألا ترى أن الله يقول : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ). فحضضنا على التدبر والنظر ، ولكن لا ينبغي لأحد أن يتكلم إلا على مذهب اللغة ، أو ما يوافق نقله أهل العلم" (٢).
وطريقة الزجاج في كتابه : أن يبدأ عقب ذكر الآية باختيار ألفاظ منها ليحللها على طريقته في الاشتقاق اللغوي ، فيذكر أصل الكلمة والمعنى اللغوي الذي تدل عليه ، ثم يورد الكلمات التي تشاركها في حروفها أو بعضها ؛ ليردها جميعا إلى أصل واحد ، ويستشهد على رأيه بما يؤيده من كلام العرب شعرا أو غير شعر ، وقد يستطرد فيشرح الأمثلة التي يستشهد بها ، ثم يعود لإعراب الآية إن كان فيها ما يحتاج إلى إعراب ، وفي هذا المقام يناقش النحويين الآخرين ، فيرد رأيهم أو يؤيده ، ويورد قراءات القراء ، ويبين المعنى على هذه القراءات ، فيقبله أو يرده ، وفي هذا الكتاب تتجلى قيمة الأساس اللغوي والنحوي في فهم القرآن ، فالتفسير الذي لا يعتمد على فهم اللغة لا قيمة له ، وهذا الأساس في الواقع قيم جدا ، وقد يوجه إلى معان فرعية لم تلتفت إليها أذهان المفسرين ومن مميزات هذا الكتاب أنه راجع المفسرين السابقين من النحويين واللغويين وأشار إلى قراءاتهم ، وما يتجه عليها من المعاني (٣).
ونصل الآن إلى الكتب التي وسمت باسم : " الغريب".
المتأمل لهذه الكتب يجدها اهتمت بالألفاظ الغريبة ، وبعض التراكيب ، مع العناية بالقراءات ؛ لأنها أساسية في فهم المعنى ، وعرض الشواهد في ذلك من الشعر والحديث وأقوال أهل اللغة.
فمناهجها من جهة البحث وسط ؛ ولهذا صارت أحجامها ما بين صغير في الحجم ومتوسط ، وأكبرها يعادل حجم مجلد من القطع المتوسط. فمن هذه الكتب :
__________________
(١) ت. د : عبد الجليل شلبي ، ط (١) عالم الكتب ـ بيروت ١٤٠٨ ه ـ ١٩٨٨ م. ويقع هذا الكتاب في ٥ مجلدات.
(٢) معاني القرآن ، للزجاج : ج ١ / ١٨٥.
(٣) معاني القرآن ، للزجاج : ج ١ / ٢١ وما بعدها. (بتصرف واختصار).