والناسخ والمنسوخ عن المتقدمين من الأئمة ، وأذكر من قول الجلة من العلماء باللغة ، وأهل النظر ما حضرني ، وأبين من تصريف الكلمة واشتقاقها ـ إن علمت ذلك ـ وآتي من القراءات بما يحتاج إلى تفسير معناه وما احتاج إليه من الإعراب ، وبما احتج العلماء في مسائل سأل عنها المجادلون ، وأبين ما فيه حذف ، أو اختصار ، أو إطالة لإفهامه ، وما كان فيه تقديم أو تأخير ، وأشرح ذلك حتى يتبينه المتعلم ، وينتفع به كما ينتفع العالم بتوفيق الله وتسديده" (١).
ويلاحظ أن أحجام هذه الكتب أكبر من كتب الغريب بسبب المنهج الذي سلكته ، وكثرة القضايا التي تناولتها في البحث ، ولا سيما كتاب : معاني القرآن للنحاس ، وهو قد جاء متأخرا بعد كتاب الفراء ، والأخفش ، ففيه توسع عظيم إذا قورن بهما وإذا نظرنا إلى المادة العلمية في كتابه والمنهج الذي ذكره هنا نجده طبقه وزيادة (٢).
ونختار من بين كتب المعاني : معاني القرآن ، للأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة (٢١٥ ه) فهذه أمثلة من بعض ما تناوله :
ـ وقال تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) [آل عمران : ١٦١] وقال بعضهم" يغل" وكل صواب ـ والله أعلم ـ لأن المعنى أن يخون أو يخان (٣).
وقال تعالى : (فَزادَهُمْ إِيماناً) : [آل عمران : ١٧٣] فزاد قولهم إيمانا (٤).
وقال تعالى : (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) [المائدة : ١٠٦] ثم قال : (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) أي : شهادة بينكم شهادة اثنين ، فلما ألقي الشهادة قام الاثنان مقامها ، وارتفعا بارتفاعها ، كما قال : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] يريد أهل القرية ، وانتصب القرية بانتصاب الأهل ، وقامت مقامه ، ثم عطف قوله : (أَوْ آخَرانِ) [المائدة : ١٠٦] على الاثنين (٥).
__________________
(١) معاني القرآن ، للنحاس : ١ / ٤٣ ، ٤٢.
(٢) يقع هذا الكتاب في ٦ مجلدات ، ومعاني القرآن ، للفراء في ٣ مجلدات ، ومعاني القرآن ، للأخفش في مجلدين.
(٣) معاني القرآن ، للأخفش : ١ / ٢٢٠.
(٤) معاني القرآن ، للأخفش : ١ / ٢٢١.
(٥) معاني القرآن ، للأخفش : ١ / ٢٦٦.