عنه : بمجاز القرآن.
ومهما كان الأمر فإن أبا عبيدة يستعمل في تفسيره للآيات هذه الكلمات : مجاز كذا ، وتفسيره كذا ، ومعناه كذا ، وغريبه كذا ، وتقديره ، وتأويله ، على أن معانيها واحدة أو تكاد ، ومعنى هذا : أن كلمة المجاز عنده عبارة عن الطرق التي يسلكها القرآن في تعبيراته (١).
وهذه أمثلة من الكتاب :
(عَذابٌ مُقِيمٌ) : [المائدة : ٣٧] أي : دائم ، قال :
فإن لكم بيوم الشعب مني عذابا دائما لكم مقيما (٢)
(وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً) : [الأنعام : ١١١] ومجاز حشرنا : سقنا وجمعنا ؛ " قبلا" : جميع ، قبيل قبيل ؛ أي : صنف صنف ، ومن قرأها" قبلا" فإنه يجعل مجازها عيانا ، كقولهم : " من ذي قبل". وقال آخرون : " قبلا" : أي مقابلة ، كقولهم : أقبل قبله ، وسقاها قبلا ، لم يكن أعد لها الماء ، فاستأنفت سقيها ، وبعضهم يقول : من ذي قبل (٣).
ـ (لِلْمُتَوَسِّمِينَ) [الحجر : ٧٥] أي : المتبصرين المتثبتين (٤).
وننتقل بعد ذلك إلى كتب : " معاني القرآن" : يعني بهذا التركيب وهذا الاسم : ما يشكل في القرآن ويحتاج إلى بعض العناء في فهمه ، وكان هذا بإزاء معاني الآثار ، ومعاني الشعر ، أو أبيات المعاني ، وهذه الكتب ـ بجانب اهتمامها بالغريب وغيره ـ نجدها حفلت احتفالا كبيرا بقضايا النحو والصرف ، والأفعال وأبنيتها ، والأصوات والشواهد من القراءات ، والشعر ، وأقوال العرب ، واللغات ، وآراء العلماء في ذلك (٥).
ولننظر إلى منهج بعض أصحاب هذه الكتب ، وقد حدده في مقدمة كتابه بقوله : " فقصدت في هذا الكتاب تفسير المعاني ، والغريب ، وأحكام القرآن ،
__________________
(١) مجاز القرآن : ١ / ١٨ ـ ١٩ بتصرف واختصار.
(٢) مجاز القرآن : ١ / ١٦٥.
(٣) مجاز القرآن : ١ / ٢٠٤.
(٤) مجاز القرآن : ١ / ٣٥٤.
(٥) معاني القرآن ، للفراء : ١ / ١١ ـ ١٣ ومعاني القرآن ، للأخفش : ١ / ٧٠ وما بعدها.