نعم بناء على أن المراد منه عدم البيان لا من قبل المكلف لم تجر القاعدة إذا كان عدم البيان لعدم الفحص. لكن في الاصول الشرعية كفاية في اقتضاء عدم وجوب الفحص في المقام ونحوه ، كباب الشك في تحقق النصاب في الزكاة ، والشك في تحقق الربح في الخمس.
لكن ذهب جماعة إلى وجوب الفحص في الأبواب المذكورة ، بل الظاهر أنه المشهور مع الشك في تحقق النصاب. ولعله هناك في محله لرواية زيد الصائغ (١) المتضمنة لوجوب تصفية الدراهم المغشوشة ، مع الشك في
__________________
ـ الفحص.
ولو قلنا بان المراد بالبيان هو الحجة الواصلة فعلا جاز الرجوع إلى البراءة العقلية قبل الفحص بمجرد الشك ، لعدم وصول الحجة حينئذ.
والأول غريب وليس له نظير .. والثاني اضعف منه يظهر ذلك مما عرفت من لازمه ، والثالث قريب. ولكن الاخير منه اقرب ، لعدم صحة الاحتجاج في نظر العقلاء بوجود الحجة واقعا مع عدم وصولها إلى المكلف وجهلة بها. ومجرد كونه قادرا على رفع جهله لا يصحح العقاب كما هو الحال في الشبهات الموضوعية أيضا. انتهى.
أقول : الذي جعله غريبا هو الذي اختاره السيّد الشهيد الصدر رضى الله عنه وسمّاه حق الطاعة وانكر قاعدة قبح العقاب بلا بيان في الشرعيات ، ولكنه ضعيف.
وملاحظة حال الحكومات والقوانين الدولية يعين الثالث كما صرح به صاحب الكفاية قدسسره وكأنه الاقرب.
(١) الرواية غير حجة لضعف سندها بجهالة محمّد بن عبد الله بن هلال وزيد الصائغ.