من الامتثال في المدة الفاصلة بخلاف ما إذا كان حدوث الاضطرار بعد تعلّق التكليف والعلم به ومضى مدة يتمكن فيها من الامتثال إذ الحكم في هذه الصور هو وجوب الاحتياط للعلم الإجمالي بتعلق تكليف فعلي على كلّ تقدير قبل حدوث الاضطرار من دون فرق بين أن يكون الاضطرار إلى المعين أو إلى غير المعين فلا تغفل.
التنبيه الرابع : في اشتراط كون الأطراف مورد الابتلاء وعدمه يمكن القول بالأوّل وتقريبه أنّه لو كان ارتكاب الواحد المعين من أطراف المعلوم بالاجمال ممكنا عقلا ولكنّ المكلّف غير مبتلى به بحسب حاله كما إذا تردد النجس بين إنائه وبين إناء آخر لا دخل للمكلف فيه أصلا فلا مجال للتكليف بالاجتناب عن هذا الإناء الآخر المتمكن منه عقلا فإنّه غير منجّز والحاصل أنّ النواهى المطلوب فيها حمل المكلّف على الترك مختصة بحكم العقل والعرف بمن يعدّ مبتلى بالواقعة المنهى عنها ولذا يعدّ خطاب غيره بالترك مستهجنا إلّا على وجه التقييد بصورة الابتلاء.
ولعلّ السرّ في ذلك أنّ غير المبتلى تارك المنهى عنه بنفس عدم ابتلائه فلا حاجة إلى نهيه والتكليف لانقداح الداعى ومع خروج المورد عن محلّ الابتلاء لا يوجب التكليف انقداحا في النفس بالنسبة إلى الخارج عن محلّ الابتلاء فيكون مستهجنا.
أورد عليه بأنّ التحقيق أنّ حقيقة التكليف الصادر من المولى المتعلّق بالفعل الاختيارى لا يعقل أن يكون إلّا جعل الداعى بالامكان لا بمعنى البعث الخارجى الموجب لصدور الفعل منه قهرا فإنّه خلف إذ المفروض تعلّق التكليف بالفعل الاختيارى فلا شأن له إلّا الدعوة الموجبة لانقداح الارادة في نفس المكلّف لكنّه لا بحيث يوجب اضطراره إلى ارادة الفعل أيضا لأنّه وإن لم يكن منافيا لتعلق التكليف بالفعل الاختياري لفرض توسط الارادة بين التكليف وفعل المكلّف إلّا أنّه خلاف المعهود من التكاليف الشرعية حيث إنّه ليس فيها الاضطرار حتّى بهذا المعنى بل تمام حقيقته جعل ما يمكن أن يكون داعيا ويصلح أن يكون باعثا.