ولا معنى للامكان إلّا الذاتى والوقوعى فيجتمع مع الامتناع بالغير أي بسبب حصول العلّة فعلا أو تركا من قبل نفس المكلّف فإنّ الامتناع بسبب العلة مع عدم امتناع عدم العلّة يجامع الامكان الذاتى والوقوعي.
وفيه : أن جعل ما يمكن أن يكون داعيا ويصلح أن يكون باعثا فيما لا يبتلى به المكلّف أصلا مستهجن أيضا وإن أمكن الابتلاء به عقلا بالامكان الذاتي أو الوقوعي ودعوى عدم الارتباط بين الاستهجان العرفى وحقيقة التكليف مع أنّ الأوامر والنواهى من الارادات التشريعية التي لا تنقدح إلّا بعد حصول مباديها لا وجه لها إذ خطاب من لا ينبعث عن أمر المولى خطابا حقيقيا مستهجن جدا ومع استهجانه لا ينقدح في نفس المولى الارادة التشريعية.
وبعبارة اخرى أنّ حقيقة التكليف وإن كان هو بمعنى جعل ما يمكن أن يكون داعيا لا بمعنى البعث الفعلي الخارجى ولكنّ لا يكتفى فيه بالامكان الذاتى بل اللازم مضافا إلى الامكان الذاتي هو أن يكون كذلك بالامكان العرفي وهو لا يكون في غير المبتلى به كما لا يخفى ثم إنّه لا تفاوت في الاستهجان بين أن يكون الخطاب شخصيا أو قانونيا لأنّ الخطابات الكلية القانونية تنحلّ إلى خطابات بعدد المكلفين بحيث يكون كلّ مكلف مخصوص بخطاب خاصّ به وتكليف مستقل متوجه إليه لأنّ القضايا في الخطابات القانونية تكون حقيقية لا طبيعية ومقتضى كون القضايا حقيقية هو الانحلال بالنحو المذكور.
ودعوى : أنّه قد وقع الخلط بين الخطابات الكلية المتوجهة إلى عامّة المكلفين والخطاب الشخصى إلى آحادهم فإنّ الخطاب الشخصي إلى خصوص العاجز وغير المتمكن عادة أو عقلا ممّا لا يصح ولكنّ الخطاب الكلي إلى المكلفين المختلفين حسب الحالات والعوارض ممّا لا استهجان فيه فإنّ الملاك في الاستهجان في الخاصّ هو كون المخاطب غير متمكن وفي العام كون العموم أو الغالب غير متمكن.
والاستهجان بالنسبة إلى الخطاب العام إنّما يلزم لو علم المتكلم عدم تأثير ذلك الخطاب