بقبح العقاب بلا بيان (١).
ومنها : أنّ الموجب لانحلال العلم الإجمالي هو العلم التفصيلي بوجوب الأقل بنحو الاطلاق والموجود في المقام هو العلم التفصيلي بوجوب الأقل على نحو الاهمال الجامع بين الاطلاق والتقييد فما هو موجود لا يكون موجبا للانحلال بل مقوم للعلم الإجمالي وما هو موجب للانحلال لا يكون موجودا وبالجملة العلم التفصيلي بالجامع بين الخصوصيات لا يكون موجبا للانحلال وإلا كان موجبا له في المتباينين أيضا لأنّ العلم الإجمالي موجود في المتباينين أيضا.
وأجاب عنه في مصباح الاصول بأنّ ما ذكر متين لو قلنا بالانحلال الحقيقي فإنّ العلم التفصيلي بالجامع هو عين العلم الإجمالي بإحدى الخصوصيتين فكيف يكون موجبا للانحلال الحقيقي ولكنا نقول بالانحلال الحكمي بمعنى أنّ المعلوم بالإجمال وإن كان يحتمل انطباقه على خصوصية الاطلاق وعلى خصوصية التقييد إلّا أنّه حيث تكون إحدى الخصوصيتين مجرى للأصل دون الاخرى كان جريان الأصل في أحدهما في حكم الانحلال لما ذكرناه غير مرة من أنّ تنجيز العلم الإجمالي متوقف على تعارض الاصول في أطرافه وتساقطها فبعد العلم بوجوب الأقل بنحو الاحتمال الجامع بين الاطلاق والتقييد وإن لم يكن لنا علم بإحدى الخصوصيتين حتّى يلزم الانحلال الحقيقي إلّا أنّه حيث يكون التقييد موردا لجريان الأصل بلا معارض كان جريانه فيه مانعا عن تنجيز العلم الإجمالي فيكون بحكم الانحلال وهذا الانحلال الحكمي لا يكون في المتباينين لعدم جريان الأصل في واحد منهما لابتلائه بالمعارض فإنّ الأصلين في المتباينين يتساقطان للمعارضة وهذا هو الفارق بين المقامين (٢).
ولا يخفى عليك ما في دعوى عدم الانحلال الحقيقي بعد عدم مغايرة وجوب الأقل مع
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٤٣٢.
(٢) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٤٣٣ ـ ٤٣٤.