بل الأمر في أمثال هذه الموارد ينتهي إلى العلم الإجمالي إما بوجوب هذه الحصة الخاصة وحرمة ترك الاتيان بها مطلقا وإما بوجوب حصة أخرى غيرها المشمولة لاطلاق الطبيعي وحرمة تركها في ظرف ترك الحصة الخاصة.
وفي مثله بعد عدم انطباق أحد التركين على الآخر وعدم قدر متيقن في البين في مشموليته للوجوب النفسي الأعم من الاستقلالي والضمني يرجع الأمر إلى المتباينين فيجب فيه الاحتياط باطعام خصوص زيد لأنّ بإطعامه يقطع بالخروج عن عهدة التكليف المعلوم في البين بخلاف صورة إطعام غير زيد فإنّه لا يقطع بحصول الفراغ ولا يؤمن العقوبة على ترك اطعام زيد (١)
لأنّا نقول : أوّلا : بالنقض بالمطلق والمشروط مع أنّ الطبيعي لا يكون محفوظا في ضمن المشروط الخاصّ بناء على ما ذكره في الجنس والفصل فكما أنّ العقل يحكم بالبراءة إذا شك في اشتراط شيء في المطلق كذلك يحكم به إذا شك في اشتراط شيء خاصّ في الجنس من دون فرق بينهما.
وثانيا : بأنّ الجنس مندمج في النوع بنحو الإجمال إذ لا يخلو نوع من الجنس وبهذا الاعتبار يصحّ أن يقال عند التحليل في الذهن الثاني يكون ذات الجنس بما هو ماهية جامعة بين أنواع الجنس تمام الموضوع للوجوب وإنّما الشك في تقيده بنوع خاصّ وعليه فملاك الأقل والأكثر من كون الأقل في ضمن الأكثر موجود فيه ومعه يجري البراءة في القيد المشكوك ودعوى التباين بالنسبة إلى الجنس والنوع مع أنّه لا نوع بدون الجنس غريب جدا لأنّ التغاير بينهما بالإجمال والتفصيل فلا يلحق الشك في هذا المقام بباب المتباينين.
والسرّ فيه بعد ما عرفت من أنّ عالم الذهن هو ظرف ثبوت الأحكام أنّ الجنس في هذا العالم بما هو ماهية جامعة تمام الموضوع وهو كالمطلق قابل للانطباق على موارد قيوده لوجود الجهة الجامعة فيها والمباينة مختصة بالخصوصيات ولا تمنع تلك الخصوصيات عن صدق
__________________
(١) نهاية الأفكار / ج ٣ ، ص ٣٩٧.