الجنس على مصاديقه من الأنواع نعم لو أخذ الجنس مع خصوصيات نوع خاصّ صار متباينا مع الجنس المأخوذ في نوع آخر كتباين كلّ نوع مع نوع آخر ولكنّه خلاف المفروض في المقام بل هو خلاف الفرض في المطلق والمشروط وإلّا فلا مجال للبراءة فيه أيضا كما لا يخفى.
وهكذا الأمر بالنسبة إلى الكلى الطبيعي مع أفراده فإنّه عند التحليل الذهني موجود مع كلّ فرد لاشتراك أفراده في الطبيعي ولقد أفاد وأجاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره حيث قال إنّ التحقيق أنّ الكلي الطبيعي موجود في الخارج بنعت الكثرة لا بنعت التباين فإنّ الطبيعي لما لم يكن في حدّ ذاته واحدا ولا كثيرا فلا محالة يكون مع الواحد واحدا ومع الكثير كثيرا فيكون الطبيعي موجودا مع كلّ فرد بتمام ذاته ويكون متكثرا بتكثر الأفراد فزيد إنسان وعمرو إنسان وبكر إنسان لا أنّهم متباينات في الانسانية بل متكثرات فيها وإنّما التباين من لحوق عوارض مصنفه ومشخصه كما لا يخفى.
والتباين في الخصوصيات لا يجعل الماهية المتحدة مع كلّ فرد وخصوصية متباينة مع الأخرى فإنّ الإنسان بحكم كونه ماهية بلا شرط شيء غير مرهون بالوحدة والكثرة وهو مع الكثير كثير فهو بتمام حقيقته متحد مع كلّ خصوصية فالإنسان متكثر غير متباين في الكثرة (١).
وبالجملة فمع عدم التباين بين الطبيعي وأفراده أو بين الجنس وأنواعه لا مجال لانكار الأقل والأكثر لأنّ الأقل وهو الجنس أو الطبيعي معلوم وإنّما الشك في خصوصية نوع أو فرد كما لا يخفى وعليه فينحل العلم الإجمالي إلى المعلوم والمشكوك ويجري البراءة في المشكوك فلا تغفل.
وبعبارة أخرى كما قال الشهيد الصدر قدسسره ان التغاير بين المفهومين تارة يكون على أساس الإجمال والتفصيل في اللحاظ كما في الجنس والنوع فإنّ الجنس مندمج في النوع ومحفوظ فيه
__________________
(١) تهذيب الاصول / ج ٢ ، ص ٣٤٧.