ولكنّ بنحو اللف والإجمال وأخرى يكون التغاير في ذات الملحوظ لا في مجرد إجمالية اللحاظ وتفصيليته إلى أن قال فالحالة الأولى تدخل في نطاق الدوران بين الأقل والأكثر حقيقة بلحاظ الوجوب بالمقدار الداخل في العهدة وليست من الدوران بين المتباينين لأنّ تباين المفهومين إنّما هو بالإجمال والتفصيل وهما من خصوصيات اللحاظ وحدوده التي لا تدخل في العهدة وإنّما يدخل فيها ذات الملحوظ وهو مردد بين الأقل وهو الجنس أو الأكثر وهو النوع (١).
بقي شيء وهو أنّ المحكي عن سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره هو التفصيل بين ما كان من قبيل الشرط والمشروط فحكمه بحسب البراءة الشرعية حكم ما إذا تردد الأمر بين الأقل والأكثر من الأجزاء دون البراءة العقلية فإنّ الظاهر عدم جريانها في المقام وإن قلنا بجريانها في الأقل والأكثر من الأجزاء. لأن الانحلال المتوهم فيه لا يكاد يتوهم هاهنا حيث إنّ التكليف لو كان متعلقا بالمشروط واقعا لما كان إلّا متعلقا به بما هو لا بجزءين أحدهما ذات المشروط والآخر تقيده بالشرط فإنّ الثاني ليس ممّا يصحّ أن يكلف به الأمر لعدم ما يكون بحذائه خارجا وذلك واضح فليس يصحّ أن يقال إنّ التكليف بذات المشروط معلوم تفصيلا والتكليف بتقيده بالشرط مشكوك بدوا فتدبّر جيدا ولا تغفل. وبين ما كان من قبيل العام والخاصّ أو الجنس والنوع فحكمه بحسب الأصل العقلي حكم القسم الاول (أي دوران الأمر بين الأقل والأكثر من الأجزاء الخارجية).
فان قلنا بجريان البراءة العقلية فيه لقلنا به هاهنا لأنّ النوع في التحليل العقلي مركب من الجنس والفصل وحيث ان نظر العقل متّبع في الانحلال والبراءة العقلية فلا محالة تجري فيما يتركب بنظره من جزءين وهذا واضح وأما بحسب الأصل النقلي فكذلك ظاهرا لأنّ الترديد بين الجنس والنوع وإن كان من قبيل الترديد بين المتباينين عرفا وكان خصوصية الخاصّ منتزعة من نفس الخاصّ.
__________________
(١) مباحث الحجج / ج ٢ ، ص ٣٥٣ ـ ٣٥٤.