وبعبارة أخرى كان التكليف على فرض تعلقه بالنوع متعلّق به بما هو أمر بسيط في عالم الذهن والتصور بحيث لم يكن الآمر إلّا لاحظا له بما هو أمر بسيط من غير أجزائه التحليلية بل من غير علم بها في بعض الأحيان.
إلّا انّه بعد اللتيا والتي يكون الإرادة على النوع مشكوكة وعلى الجنس معلومة والملاك في جريان حديث الرفع ليس إلّا الشك في الإرادة الواقعية النفس الأمرية وإن شئت مزيد بيان نقول إنّ الفصل وإن لم يكن من أجزاء النوع عرفا بل كان الجنس بنظره مباينا للنوع لا من أجزائه إلّا أنه لا نريد اجراء البراءة في الجزء المشكوك اعني خصوصية الفصل ليقال إنّه ليس جزءا لنوع عرفا.
بل نقول إنّ تعلّق الإرادة بالنوع والخاصّ مشكوك فالأصل عدمه ولا يعارضه البراءة في الجنس لعدم جريانها فيه حيث إنّ تعلّق الإرادة به معلوم بأحد الوجهين وكيف كان فالظاهر أنّ هذا القسم مثل القسمين المتقدمين أي الأقل والأكثر في الأجزاء وبحسب الشرط والمشروط في الأصل النقلي فتدبّر (١).
ولا يخفى عليك أوّلا : أنّ التفصيل بين البراءة العقلية والشرعية فيما إذا كان التكليف من قبيل الشرط والمشروط بدعوى عدم صحة التكليف بشيء ليس ما بحذائه شيء خارجا لا وجه له لصحّة التكليف بالشيء ولو لم يكن ما بحذائه شيء خارجا لإمكان الاتيان به ولو مع المشروط ومع الصحّة فيدور الأمر بين التكليف بذات المشروط والتكليف به مع الشرط والتكليف بذات المشروط معلوم تفصيلا والتكليف بالشرط مشكوك فيجري في المشكوك البراءة مطلقا عقلية كانت أو شرعية. وثانيا : ان دعوى كونهما من قبيل الترديد بين المتباينين عرفا مندفعة بأنّه لو سلمنا ذلك في بعض الموارد كالانسان والحيوان فليس كذلك في سائر الموارد إذ مثل الحيوان والفرس ليسا عندهم من قبيل المتباينين فلو دار الأمر في الاطعام بينهما فلا مناص عن البراءة كما دار الأمر بين مطلق اللون واللون الابيض لأنّ
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٣٩٤ ـ ٣٩٥.