إلى المخالفة القطعية كما ذكر نعم هذا فيما إذا لم يظن بأنّ الواجب هو فعل هذا وترك ذاك أو بالعكس وإلّا فقد عرفت أنّه لا يبعد وجوب الموافقة الظنية أيضا فيما إذا لم يمكن الموافقة القطعية لأنّها هو الميسور من موافقة المعلوم بالإجمال مع بقائه على التنجيز ولو في الجملة والفرق بين المقام الثاني والمقام الأوّل في أنّ العلم الإجمالي في المقام الأوّل ساقط أصلا ولا تأثير له ولذا لا يجب مراعاة الظنّ في طرف من أطرافه بخلاف المقام الثاني فإنّ العلم الإجمالي بالتقريب المذكور باق على التنجيز ولو في الجملة فيجب مراعاته مهما أمكن فلا يجوز أن يأتي على وجه يعلم بالمخالفة القطعية كما لا يجوز أن يأتي على خلاف المظنون فلا تغفل.
هذا كلّه فيما إذا تعددت الواقعة عرضا وأمّا إذا تعددت طولا كما إذا علم بتعلق حلف بايجاد فعل في زمان وبتعلق حلف آخر بتركه في زمان ثان واشتبه الزمانان ففي كلّ زمان يدور الأمر بين الوجوب والحرمة ففي هذه الصورة يكون مقتضى إطلاق قول المحقّق الأصفهاني قدسسره والعراقي هو التخيير أيضا بين الفعل والترك في كلّ من الزمانين إذ كلّ واقعة مستقلة ودار الأمر في كلّ واحد بين الوجوب والحرمة ولا يمكن الموافقة القطعية ولا المخالفة القطعية وعليه فللمكلف اختيار الفعل في كلّ من الزمانين واختيار الترك في كلّ منهما واختيار الفعل في أحدهما والترك في الآخر.
أورد عليه في مصباح الاصول بأنّه إن قلنا بتنجيز العلم الإجمالي في الامور التدريجية كغيرها فالعلم الإجمالي منجز بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية لا مكانها فاللازم اختيار الفعل في أحد الزمانين واختيار الترك في الآخر حذرا من المخالفة القطعية وتحصيلا للموافقة الاحتمالية.
وإن قلنا بعدم تنجيز العلم الإجمالي في التدريجيات فيحكم بالتخيير بين الفعل والترك في كلّ زمان إذ لم يبق سوى العلم الإجمالي بالالزام المردّد بين الوجوب والحرمة في كلّ من الزمانين وقد عرفت أنّ مثل هذا العلم لا يوجب التنجيز لعدم امكان الموافقة القطعية ولا