وقد صرّح سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد نفسه في موضع آخر من كلامه بأنّ نتيجة رفع النسيان فرض الجزء المنسي كأنّه أتى به المكلف وحينئذ لا يبقى الفرق بين نسيان المستوعب لتمام الوقت وبين غيره. (١)
وفي موضع ثالث بأنّ حكومة قوله رفع النسيان على الأحكام يمكن أن يكون حكومة واقعية فيرفع أصل التكليف عن الجزء وبعد رفعه لا دليل على عوده وببيان أوضح أنّ التكليف لم يتعلق إلّا بايجاد الطبيعة في قطعة من الزمان وليس مقتضاه ايجاد تلك الطبيعة في كل زمان كي يقال رفعه في بعض أجزاء الزمان لا يقتضي رفعه في جميعها. (٢)
والعجب أنّه مع هذه التصريحات ذهب في أخير عباراته المحكية إلى قوله وإن قلنا إنّ الحديث لا يشمل النسيان في بعض الوقت إمّا بأن يقال كما هو القوي إنّ مساقه رفع التكليف فيما خالف التكليف بسبب النسيان وفي النسيان الموقت لما حصل المخالفة أصلا لا مكان ترك المكلف به في ذلك الجزء عمدا بلا استلزامه للعصيان والمخالفة إلى أن قال فبناء على هذا القول لا يكون نسيان الموقت موردا لحديث الرفع أصلا إلى أن قال.
وممّا يؤيد عدم نهوض حديث رفع النسيان لرفع التكليف الموسع لو نسى في بعض الوقت عدم نهوض قوله رفع ما اكرهوا عليه وما اضطروا عليه لرفع هذا التكليف المكره أو المضطر على تركه في بعض وقته فإنّه لا يقال لمن أكره على ترك واجب موسع في بعض وقته إنّه مكره على ترك الواجب كما لا يقال لمن أكره على شرب أحد المائعين أحدهما الخمر إنّه مكره على شرب الخمر وكذلك في الاضطرار ولا فرق بينهما وبين النسيان فتدبّر. (٣)
ويمكن أن يقال : لا قوة في عدم شمول حديث الرفع للنسيان في بعض الوقت بل اطلاق حديث الرفع يقتضي الشمول وقياس المقام بصورة ترك المكلف به رأسا في ذلك الجزء عمدا بلا استلزامه للعصيان والمخالفة مع الفارق لأنّ ما به يتحقق الامتثال أمكن جريان
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٤٢٤.
(٢) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٤٣٠.
(٣) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٤٣٠ ـ ٤٣٢.