من أوّل الأمر. (١)
لقائل أن يقول لا مجال للبراءة فيما إذا كان العذر طارئا لجريان استصحاب الوجوب النفسي الانحلالي بالنسبة الأجزاء غير المتعذّرة بعد ما عرفت في البراءة من أنّ الوجوب بالنسبة إلى الأجزاء والشرائط المعلومة وجوب نفسي انبساطي وهو معلوم ولذا ينحلّ العلم الإجمالي في الأقل والأكثر إلى المعلوم والمشكوك ويجري البراءة بالنسبة إلى الأجزاء والشرائط المشكوكة.
فعلى هذا المبنى نقول في المقام أنّ الوجوب النفسي المتعلق بالأجزاء والشرائط غير المتعذرة معلوم وإنّما الشك في بقائه ولا يتوقف الوجوب النفسي المذكور على وجوب المركب منه ومن غيره حتى يكون الوجوب وجوبا ضمنيا ويرتفع بارتفاع وجوب الكل بسبب تعذره ولا يكون الوجوب مقدميّا حتى يقال وجوبه مرتفع بوجوب ذي المقدمة لأنّ المفروض انبساط الوجوب على نفس الأجزاء بالأسر ولا مجال للمقدمية كما لا يخفى.
وهكذا ليس وجوب غير المتعذر باعتبار عروضه للمركب حتى يقال بأنّ العرف لا يتسامح في موضوع المستصحب فإنّ ما كان معروضا قبل تعذر الجزء للوجوب النفسي إنّما كان الباقي بشرط انضمام الجزء الآخر معه ولو بحسب الواقع فإذا كان موضوع الوجوب هو المقيّد بما هو لما كان اثبات الوجوب في ظرف الشك لذات المقيّد عاريا عن التقييد من الاستصحاب في شيء بل هو من قبيل إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر (٢) والوجه في أنّه ليس وجوب غير المتعذر باعتبار عروضه للمركب هو ما عرفته في جريان البراءة في الأجزاء غير المعلومة الارتباطية من أنّ الأجزاء في المركبات وإن لوحظت بلحاظ الوحدة ولكن هذه الوحدة لا دخالة لها في تعلق الحكم بل هي عين الكثرة والكثرة عين الوحدة ومعنى العينية هو تعلق الوجوب بنفس الأجزاء بالأسر من دون ملاحظة انضمام سائر
__________________
(١) راجع نهاية الدراية / ج ٢ ، ص ٢٩٦.
(٢) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٤٦١.