كان ما علم إجمالا اعتبار فعله أو تركه توصليا إلّا أنّه ممّا لا بدّ منه حيث إنّه لو كان تعبديا لوجب الاحتياط مطلقا. (١)
وقد تلخص من جميع ما ذكرناه أنّ القول بالتخيير في المقام فرع أمور الأوّل أن يجري الأصل في الشك في الشرطية والجزئية الثاني أن لا يكون في المخالفة القطعية الالتزامية محذور شرعي أو عقلي الثالث أن يجري الأصل في أطراف المعلوم بالإجمال ما لم يؤد إلى المخالفة القطعية العملية الرابع أن يكون كل من الفعل والترك المعلوم اعتبار أحدهما توصليا.
إذا عرفت ذلك نقول من تسلم لامور الثلاثة الاولى كالمحقق الخراساني والنائيني وغيرهما يلزمه القول بالتخيير إذا كان المعلوم بالإجمال توصليا وبالاحتياط إذا كان تعبديا فحكمه بالاحتياط (٢) لا وجه له ولعمري أنّ المسألة في غاية الوضوح تدبر تعرف. (٣)
حاصله أنّ مع تسليم كون الطبيعة مورد تعلق التكليف لا الفرد أمكن التفصيل بين التوصليين وجريان البراءة في الطرفين والحكم بعدم اعتبارهما لعدم لزوم المخالفة العملية القطعية من جريان الأصل بناء على عدم المانع من جريان البراءة في أطراف المعلوم بالإجمال إذا لم يؤد إلى المخالفة القطعية العملية وبين التعبديين ولزوم الاحتياط للتمكن من المخالفة القطعية في هذه الصورة ومعه لا يجوز الترخيص بالنسبة إلى الطرفين.
ودعوى أنّ المخالفة العملية تصبح ممكنة إذا فرض أنّ الجزئية أو المانعية كانت قربية فإنّه يمكن للمكلف أن ياتي بالفعل أو الترك على وجه غير قربي فيكون مخالفا للمعلوم بالاجمال على كل تقدير ويكون جريان الأصلين معا مؤديا إلى الإذن في ذلك فيتعارض الأصلان ويتساقطان. (٤)
__________________
(١) حيث إنّه يتمكن حينئذ من المخالفة القطعية بترك قصد القربة في طرفي المعلوم بالاجمال بأن يأتي بالفعل أو الترك على وجه غير قربي.
(٢) أي بالاحتياط مطلقا.
(٣) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٤٨٦.
(٤) مباحث الحجج / ج ٢ ، ص ٣٦٤.